عاد مجددا مشروع قانون العفو عن المغتصبين للظهور في تركيا، عبر مشروع آخر يسعى للإفراج عن السجناء غير المتورطين في جرائم القتل العمد، خوفاً من تفشي فيروس كورونا في السجون، وسط. وكان مشروع قانون سعت الحكومة التركية لإقراره في البرلمان، من أجل إصدار عفو عن المغتصبين آثار جدلا واسعا في البلاد قبل أسابيع، إذ احتجت العديد من الجمعيات والشخصيات المعارضة بشدة على مشروع الحكومة الجديد، لأنه يشمل الإفراج عن السجناء مرتكبي جرائم الاغتصاب والتحرش، بعد مناقشته من قبل أردوغان مع أعضاء في حكومته "عبر الفيديو". وتشير التقديرات بحسب مصادر حقوقية وإعلامية إلى أن ما بين 70 ألف سجين و100 ألف سيتم إطلاق سراحهم، بينهم 60 ألفاً أدينوا في جرائم مخدرات، إذا أقر البرلمان التعديل الجديد، بينما تنص التعديلات المقترحة على خفض شرط العفو المبكر عمن قضوا 65 % من مدة عقوبتهم بدلاً من نسبة 75% المعمول بها حالياً. في حين خلا المقترح الحكومي من تخفيف عقوبة السجن على جرائم القتل العمد والقضايا التي سجن فيها معارضين سياسيين بهتانا بأنها متعلقة بالإرهاب بتهمة الانتماء إلى "حركة الخدمة" التابعة للداعية فتح الله غولن، التي حملتها الحكومة المسؤولية عن تدبير محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016. وسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في يناير الماضي، على محاولة تمرير مشروع قانون يمنح العفو للمغتصبين، شريطة أن يتزوج المغتصب من ضحيته، في انتهاك واضح لحقوق الإنسان، والمحاولة هي الثانية خلال 4 سنوات، حيث تم تقديم نفس المقترح قبل 4 سنوات، إلا أنه قوبل برفض شديد عالميا وداخليا، حيث قوبل بانتقادات شرسة من قبل جمعيات مدافعة عن حقوق الأطفال والمرأة في البلاد، بالإضافة إلى جمعيات عدة ونواب معارضين. وفي السياق ذاته، انتقدت منظمات حقوقية استثناء تركيا المعارضين السياسيين من مشروع إطلاق سراح السجناء بزعم أنهم متهمون في قضايا إرهاب، رغم أنها اتهامات كثير منها ملفق، فضلًا عن تسييس المحاكمات، وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية الحكومة التركية بإطلاق سراح المعتقلين قبل أن ينال فيروس كورونا المستجد منهم. وجاءت مطالبة هيومن رايتس ووتش بالتزامن مع ظهور استثناء المعتقلين بتهمة الإرهاب من المقترح الحكومي بشأن تخفيف العقوبة عن السجناء وقضائهم مدة العقوبة في منازلهم، وذلك رغم أن نظام أردوغان اشتهر بتجاوزه الحدود القانونية في توجيه هذه التهمة إلى كل من يعارضها أو يختلف معها. وأكدت المنظمة في بيان لها أنه "ينبغي على أنقرة أن تحمي جميع المعتقلين والسجناء من الوباء الذي انتشر حول العالم"، معتبرة برنامج الإفراج المبكر فرصة قد تقلل من خطر إصابة جميع المعتقلين بفيروس كورونا. ونوّه بيان المنظمة بضرورة استفادة كل متهم بما عدا جرائم العنف والإرهاب من مقترح العفو العام، وأعاد للأذهان أن السجون التركية تستضيف اليوم حوالي 300 ألف شخص، وأن نحو 100 ألف منهم فقط سيشملهم قانون العفو العام المقترح، ثم أضاف قائلا: "من المسلم به أن جرائم الإرهاب تصنف ضمن أكبر الجرائم، غير أنه من المعروف أن أنقرة أساءت استخدام هذه التهمة واستغلتها لتحقيق أهداف سياسية". وقالت السجينة الحالية جاغلار دميرل، وهي نائبة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي السابقة عن مدينة إسطنبول، إنهم يتعرضون لخطر كبير بسبب تقاعس الحكومة ومديرية السجن عن اتخاذ تدابير احترازية كفيلة بالحيلولة دون انتشار فيروس كورونا المستجد في السجن، وذلك في مكالمة هاتفية أجرتها مؤخرًا مع والدتها. ووجهت غولبيري دميرل والدة "جاغلار" دعوة عاجلة لحكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب أردوغان بالإفراج عن جميع المعتقلين، قبل أن تتحول السجون الحافلة بعشرات الآلاف من المعتقلين لأسباب سياسية إلى "مقابر" لهم بسبب الفيروس القاتل.