مما يحكى في الماضي غير البعيد أن رجلا اسمه عمر، كان يبسط بضاعته في الأسواق الأسبوعية الشعبية بمنطقة الباحة، وهي في الغالب من منتجات مزارعه، وما يضيف إليها من أغراض أخرى يبتاعها من أسواق مكةالمكرمة في ذلك الحين . ويعد ثريا بمقياس زمنه؛ لأنه في في حال مالي أفضل بكثير من غيره ، سواء مما يبيعه من منتجات الديرة أو ما يجلبه من خارجها مما تزيد حاجة الناس إليه في ذلك الوقت . وقد زادت أرباحه بحكم فهمه لأسلوب التجارة وحسن التعامل مع الناس ، وأصبحت له سمعة طيبة وذكر حسن ، وكسب العملاء الذين يتعاملون معه بالنقد الحاضر بالريال العربي أو بالفرانسي أو بالدَّين وغالبا ما يكون السداد في نهاية المواسم بالجنيه الإنجليزي المعروف بالجورج . فزبائنه الذين يقبلون عليه كثيرون وهم من أغلب القرى والقبائل . والإقبال عليه يزيد كل أسبوع لما يتمتع به من ذكاء فطري وقدرة على زرع البسمة من خلال الكلمة الجميلة والطرفة النادرة وأيضا عرض ما لا يوجد لدى غيره من اللوازم عند بقية التجار . وفِي أسبوع ما قبل عيد الفطر في إحدى السنين ، حيث يزيد الناس ويكثر المتسوقون الذين تمتلأ بهم جنبات السوق يأتون لأخذ الجديد كعادتهم السنوية . وفِي ذلك الزحام ارتفعت أصوات بعض الأشخاص الحاضرين في خصومة جماعية .. وزادت الجلبة واشتبكوا بالأيادي يتدافعون فيما بينهم بقوة . لكن عمر أدرك بفطنته خطر الموقف فقام بلملمة أغراضه سريعا ونقلها بعيدا حاملا أغراضه على المشاديد .. عائدا لقريته تاركا السوق وما فيه ذلك الأسبوع ! ويسأله بعض من يعرفه في الطريق لماذا حملت أغراضك ؟ ليخبرهم بأن (الدِّورَة على حوائج عمر) التي راحت مثلا دارجا . (ويقصد بها الهدف من الاشتباك الجماعي) فقد تيقن بأن هذا العراك مفتعل، وليس حقيقيا الهدف منه الوصول إلى بسطته ونقوده التي يضعها تحت مفرشه، لكنه أضاع عليهم مخططهم بالتحرك السريع الذي جعل خصومتهم الزائفة تنتهي وعراكهم الوهمي يختفي، بمجرد أن حمى بضاعته ونقوده منهم .