صامطة.. واحدة من أعرق محافظات الجنوب، لها من تاريخها العلمي الحافل الشيء الكثير، ولها من موقعها الجغرافي ومركزها التجاري وحركتها الثقافية ميزات عديدة. فهي مدينة العلم والتعليم في جازان منذ ما يقارب السبعين عاماً أو يزيد. تجولنا في تلك المدينة العتيقة لنتعرف على ملامحها عن قرب، فهي المتكئة بشموخ التاريخ وكبريائه على الحافة الجنوبية لوادي المغيالة العملاق، تنظر بعين إلى ماضيها العلمي والتاريخي بكل إعجاب وتقدير، وبالعين الأخرى إلى مستقبلها الأكثر زهاءً وإشراقًا بكل أمل وتفاؤل. صفحات التاريخ يرى الباحثون والمؤرخون أن لكل مدن حضورا، لا تفهمه إلا إذا تجولت في شوارعها وشممت رائحة الماضي الخفية فيها. وصامطة من مدن التاريخ القديم التي واكبت العديد من أحداثه، وشهدت العديد من التطورات حتى العهد الزاهر الذي تعيشه الآن. وتناول الباحثون اسم “صامطة” من خلال بحثهم عن سبب التسمية فلم يعثروا على إجابة شافية إلا أنه وجد بعض الافتراضات والتفسيرات المختلفة. ومن الافتراضات التي وقف عليها الباحث أنها سميت بذلك نسبة لبئر في سوق الاثنين كانت تشتهر بمائها البارد ليلا ونهارا وصيفا وشتاء فسميت البئر “سامطة” ثم نزل الناس حولها واتخذوا من الأراضي المحيطة بها ديارا ومساكن فجعلوا منازلهم أعشاشا تصنع من الأشجار والشجيرات. فيما ذكر الباحث محمد بن أحمد حمود آل خيرات أن أول ما عرفت مدينة صامطة باسم قرية مصبري ويستدل على ذلك بوجود بئر بهذا الاسم معروفة إلى الوقت الحاضر. وبالرجوع إلى بعض المراجع التاريخية يتبين لنا أن مدينة صامطة يمتد عمرها أكثر من ثمانمائة سنة ولم تشتهر بهذا الاسم إلا خلال القرن الثاني عشر الهجري تقريبا. وتراوح الاسم بين صامطة وسامطة وصامدة، وقد يعود ذلك إلى اختلاف لهجات أهل المنطقة. فهناك من يلفظ حرف الدال طاء.. فقيل أنها تسمى صامدة لما اشتهر عنها من صمود أمام الغزاة، وصامطة حاضرة من القطاع الجنوبي لجازان وتتبعها عشرات القرى والهجر وهي ذات كثافة سكنية عالية كما أنها بوابة المنطقة إلى الحدود الدولية مع اليمن الشقيقة وبها أسواق تجارية حديثة وسوق شعبي أسبوعي يعقد كل يوم اثنين يفد إليه المتسوقون من أنحاء المملكة وحتى من اليمن. حصون وآثار يعتبر حصن صامطة أو كما يعرف بحصن "الشريف" الواقع في جنوبالمدينة على حافة وادي المغيالة من أهم آثارها البارزة. وحصن صامطة تم بناؤه في عام 1249ه في عهد الشريف محمد بن أبو طالب آل خيرات عندما كان حاكماً لصامطة في عهد الأمير علي بن مجثل أمير عسير في وقتها. وقد أشار مؤرخون إلى نص وثيقة الإذن بالبناء ومنهم الدكتور محمد منصور المدخلي في كتابه “القحمة لولاة تهامة عسير” والدكتور علي بن حسين الصميلي في كتابه "العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير في القرن 13ه، ويتكون الحصن كما أشار محمد بن أحمد المكرمي، وهو أحد المهتمين بتاريخ صامطة، من طابقين ومبنى من الآجر وهو الطين المحروق ومسقوف من الخشب، كما يوجد بالحصن بستان بجواره بئر تسمى الطالبية. وقد تجدد بناء الحصن في عهد الشريف حمد بن محمد علي مكرمي عام 1333ه في عهد دولة الأدارسة عندما كان حاكماً لهم في صامطة وضواحيها وكان مركزاً للإمارة ويعتبر معلماً من معالم منطقة جازان وما زال صامداً على الرغم من مرور الزمن إلى وقتنا الحاضر. وهناك بيت القرعاوي وهو من أبرز المعالم الأثرية في مدينة صامطة أيضا بناه الداعية عبدالله القرعاوي عندما وصل إلى صامطة عام 1358ه ويتكون من ملحقين ملحق خاص بسكنه والملحق الآخر لتعليم طلابه. سوق الاثنين يعتبر سوق الاثنين الشعبي بمحافظة صامطة واحدا من أسواقها الشعبية الشهيرة والعريقة التي مازال قائماً يمد متسوقيه بكل ما يحتاجونه منذ ما يقارب قرنين من الزمن وهو سوق شعبي يقام كل يوم اثنين من كل أسبوع ويشهد هذا السوق الشعبي ومنذ ساعات الصباح الأولى تدفق عدد كبير من السيارات التي ترتاده محملة بالبضائع من كل مكان ليقوم المتسوقون بحجز أماكن لبيع ما معهم من بضائع متنوعة لمرتادي السوق القادمين من كل مكان.