الكتاتيب جمع كُتاب وتمثل دوراً يجمع فيه التلاميذ أو التلميذات في سنواتهم الأولى للتعلم.. حيث أن في الكُتاب يفتح المجال لصغارنا.. لتعلم القراءة والكتابة بدءاً من حروف لغتنا الجميلة لغة القرآن إلى أولى الكلمات التي يخطها بيديه مع مبادئ الحساب…أتذكر ذلك الزمن الجميل ….حيث إلتحقت بالكتاتيب في منتصف السبعينات الهجرية "الخمسينات الميلادية". الكُتاب يمثل اليوم مرحلة التمهيدي بأنواعه "كّ جي 1و 2". يبدأ في الكتاتيب بحفظ أيات سورة الفاتحة… بالترديد خلف الفقيه أو شيخ الكتاب حتى تحفظ ومن ثم تُسمع… وتتالى سور جزء عم… وعند ختم الجزء يحتفل لمن يجيد التسميع بما كنا نسميه ( الصرافة)..وهو احتفال.. حيث يخرج الشيخ مع تلاميذه يتقدمهم المحتفى به في أبهى حُلّة حتى يصلوا إلى منزله وهم يرددون"الأناشيد الدينية " وبعد أن يقرأ بعضاً من الأيات التي حفظها، توزع الحلوى على التلاميذ وينصرف الجميع. فبالإضافة للقرأن وتلقينه وتحفيظِه … يتعلم التلاميذ الحروف نطقها وأشكالها وطرق كتابتها فعلى سبيل المثال تعرف الحروف كالتالي: ا-ألف لاشيء عليها. ب-الباء واحده من تحتيها. ت- التاء أثنتين من فوقيها. ث- الثاء ثلاثة من فوقيها. ويستمر تعريف باقي الحروف بنفس الطريقة ، وفي ذلك اجتهاد من شيوخ الكتاتيب للتعجيل في تثبيت الحروف في أذهان تلامذتهم. وللتأكد من حفظ جميع الحروف كانت تجمل للتلاميذ في: "أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ" أبجد (أ،ب،ج )بمعنى..أخٓذ هوز (ه،و،ز) بمعنى …ركِب حظي(ح،ط،ي) بمعنى وقّف كلمن ( ك،ل،ن) بمعنى أصبح متعلماً. سعفص (س،ع،ف،ص) بمعنى أسرع في التعلم. قرشت (ق،ر،ش،ت) بمعنى أخذه بالقلب. ثخذ ( ث،خ ،ذ) بمعنى حفظ. ضظغ ( ض،ظ،غ) بمعنى أتم … وتشمل جميع أحرف أبجدية اللغه العربية الثمان والعشرون. فمن ذكريات الكُتاب إلتحقت بگُتاب السيد محمد عطيه …بحي المظلوم الذي ولدت وتربيت فيه. وكنا ندفع يومياً قرشين أو أكثر (لاأتذكر) للسيد محمد …. عند وصولنا للكتاب لنأخذ مقابلها عند الإنصراف خُمشه ملئ الكف من اللوز(الفول السوداني) المحمص بقشره الذي يباع في (المقلى)، وبالطبع تنحط في جيب الثوب. وفي اليوم المعهود بدءت في الدش من اللوز في طريق عودتي للبيتنا في (سوق البدو). "حبات اللوز تأتي حبتين في قشره واحده وأحياناً قليله ثلاث حبات وأيضاً تأتي حبه واحده" وأستمريت في الدش حتى وصلت لسوق البدو…. فنفجرت في فمي إحدى الطراطيع الملونة التي تشبه حبات اللوز الصغيرة ذات الحبة الواحدة فخلال الدش أضع في الفم بدون تمييز بين اللوز والطرطيعه!!!! وقام أهل سوق البدو بتقديم الماء للمضمة وغسل الفم وتبريده من حرارة الانفجار وأعطيت جُغمتين مويه،وفقت بعدها من هول الفاجعة….. قبل أخذي الى البيت في مقعد عمي محمد (رحمه الله). هذه أحد التصرفات التي خلت من تطبيق إجراءات السلامة التي تعلمتها بعد دفع الثمن الغالي !! جزى الله فقهاء وفقيهات كتاتيب الزمن الجميل خير الجزاء…ففضلهم التربوي والتعليمي …. لا ينسى.