عندما كنت من ضمن الحضور في إحدى الدورات التدريبية وأستطيع القول "الدورات الاستدراكية"، كان المدرب يتحدث فيها عن قيمة الكتابة لدى الكاتب، وقد تطرق لبعض المفاهيم التي من الممكن أن تكون دافعاً للعديد من الكتّاب بترك أقلامهم، حيث ذكر من ضمنها فيما معنى قوله: (أن الكاتب الذي لا يستطيع أن يكون صادقاً فيما يزعمه، ولم يسعى إلى احترام عقلية القارئ فمن الأولى له أن يكسر قلمه). أوجعتني تلك العبارة كثيراً، وجعلتني سجينة في دائرة من الأسئلة.. كيف يمكن الوثوق بأنني أحترم عقل القارئ بالفعل.. وهل الصدق مع النفس دليل على الاحترام.. أم هذه حالة وتلك أخرى.. هل الوصول إلى قلب ثم عقل القارئ مهمة سهلة.. إلى أن وصلت إلى سؤال أكثر أهمية، هل حان الوقت لأكسر قلمي..؟ كل تلك الهواجس لم أكن أول من أصيب بها، فقد سبقني إليها العديد إن لم يكن جميع أصحاب الأقلام الذين أحسبهم من الصفوة الصادقة، ومنهم على سبيل المثال الكاتب "زياد الدريس" الذي ختم مقالاً له بعنوان" اللهم أكسر قلمي" قائلاً: (قد لا أستطيع منع الأوضاع من التدهور، لكني أريد منع نفسي وقلمي من التدهور، اللهم اكسر قلمي قبل أن يتدحرج بي). أعترف.. لن أجرؤ على خطوة كهذه فقلمي يعني لي الكثير، و لكي تعذروني..! سأصف لكم أولاً ماذا يعني القلم للكاتب.. هو الابن الذي رباه صغيراً وأورثه كل ما يملك من قيم ومبادئ وقناعات، وأغدق عليه في المشاعر، ثم رعاه جيداً وتكفل بحمايته من كل ما قد يشوبه من ملوثات، إلى أن كبر وفرض سلطته الأخلاقية على صاحبه.. هو لسانه الذي يتحدث نيابة عنه ويعبر عما في نفسه.. فأصبح لكل قلم بصمته الخاصة التي تترك أثرها عند القارئ، وبالتالي تعددت المدارس وتباينت الأقلام واختلفت المنابر. إذاً لا.. لن أكسر قلمي فقط لأرضي تلك الهواجس برهة من الزمن، وهي بدورها لن ترضى لانها تلازمني أينما حللت، فإذا ما عاودني الحنين نحو ذلك الابن، وبدأت في البحث عنه لأجده أختفى..! حينها سأرغم على الإتيان بابن جديد يرضي شغفي، إلا أنه لن يعرفني.. يجهلني وأجهله لأننا لم نتقابل من قبل سوى في ساحات الأقلام هو أضاع أبوه وأنا أضعت ابني، فتقبلّنا بعضنا على مضض بدافع الإشباع على أية حال. للتواصل على تويتر وفيس بوك eman yahya bajunaid