تساءل الكاتب زياد الدريس هل يتوقف عن الكتابة ويعرض عنها ويكسر قلمه، ويلتزم الصمت؟ أم يستمر في الكتابة رغم الأوضاع التي لا تشجع؟ تساؤلات "الدريس" طرحها في مقاله الأسبوعي المنشور اليوم، في صحيفة "الحياة"، تحت عنوان "اللهم اكسر قلمي!"، وقال فيه: "تنتابني رغبة شديدة للتوقف عن الكتابة، ليس لأن الأفكار الكتابية أقفرت أو شحّت، بل على العكس تماماً، لأنها زادت وتكاثرت حتى صار كل شيء قابلاً للكتابة! وأضاف: ما جدوى الكتابة إذا أصبح كل شيء قابلاً للكتابة؟!، لو أصبح البشر كلهم شعراء لتحول الشِّعر إلى كلام، ولأصبح كلامنا الآن هو الشِّعر! وتابع "الدريس" قائلاً: ميزة الكتابة ومفرداتها تكمن في قدرتها على التقاط وقائع مستفزة أو شاذة في المجتمع، تحفّز الكاتب لاصطيادها في حبائل مقالته، لكن عندما تصبح كل الوقائع والأحداث في هذا العالم مستفزة وشاذة، فإن قيمة الكتابة ستنتفي تلقائياً، وتصبح كالذي يقوم بطلاء جدار آيل للسقوط. وعاد زياد الدريس للتساؤل من جديد: هل ينبغي حقاً أن أستمر في الكتابة.. ؟، ويقول: تزداد رغبة التوقف عندي يوماً بعد آخر، حتى إذا اقترب الموعد الأسبوعي للمقالة، قلت: هل أعتذر الآن، أم أكتب مقالي الأخير؟، خمسة وثلاثون عاماً من الكتابة… ما الذي تغيّر؟ ما الذي تحقّق من أقوالنا وأفكارنا وخواطرنا، معشر الكتّاب؟ الأوضاع تزداد سوءاً، والتوتر والقلق أصبحا جزءاً من حركة الحياة المعاشة بعد أن كانا جزءاً من (نشرة الأخبار)! هل استطاعت مقالات الكتّاب وإصدارات المؤلفين، طوال الخمسين أو المئة عام الماضية، أن تُوقف التدهور في القيم والأوضاع، أو أن تُخفّف من مسببات التوتر والقلق؟! وتابع قائلاً: عندما أستحي من الكائن المتفائل بداخلي، أُسائل نفسي: من يدري، ربما لو أننا لم نكتب لكانت الأوضاع الآن أسوأ! أو لو أننا توقفنا عن الكتابة لأصبح التدهور أسرع بكثير مما هو الآن. وقال: أقول هذا الكلام الحالِم ثم أفتح باب نفسي وأهرب، خوفاً من أيّ أسئلة أخرى!، ويضيف: أعرف كاتباً يمارس الكتابة منذ سنين، ولا يزال. ليست مشكلته أن الأوضاع من حوله تزداد سوءاً، ولكن أنه هو نفسه يزداد سوءاً! ويتابع زياد الدريس القول: يخيفني هذا الهاجس عندما أرى الكاتب (المرموق) وعشرات مثله، إصابتهم لعنة الأوضاع، فأصبحوا يتسابقون معها تدهوراً وسوءاً، وبيعاً للقيم. وقال: يفعلون ذلك باسم الدفاع عن الدين أو عن الوطن، وهم «يحسبوننا» أنهم يُحسنون صُنعاً، أتدرون ما هو الأسوأ على الكاتب الذي يتدهور كتابياً وقِيَمياً؟ أن يرى نفسه، في لحظة ما، داخل لفافة كتاباته متدحرجاً نحو الأسفل، لكنه غير قادر على التوقف عن الكتابة، لأن قلمه لم يعد مُلْكه! واختتم بالقول: قد لا أستطيع منع الأوضاع من التدهور، لكني أريد منع نفسي وقلمي من التدهور، اللهم اكسر قلمي قبل أن يتدحرج بي.