قامت مؤسسة خالد بن سلطان للمحيطات الحية خلال الفترة من 2006 -2009م بتنفيذ حملة استكشافية حيث تم تصوير مساحة تزيد عن 25000 كلم2 شملت ضفاف جزر فرسان ومنطقة الوجه عامي 2006م و2008م وذلك بغرض إعداد خريطة لقاع البحر الأحمر تشمل معظم الشريط الساحلي السعودي. حققت هذه الحملة نتائج باهرة من حيث الكم والكيف مستخدمة أحدث التقنيات في مجال الاستكشاف البحري عبر استخدام القمر الصناعي Quick Bird ، وأجهزة قياس أعماق البحار بكاميرا تلفزيونية بنظام SCUBA ، ونظام التشغيل عن بُعد (ريموت)، إضافةً إلى مساندة سفينة الأبحاث قولدن شادو Golden Shadow التي وفرت قاعدة معلومات ضرورية مكّنت -فريق البحث المكوّن من (12) عالماً – من الوصول إلى مناطق نائية في البحر الأحمر. انطلقت هذه الحملة وفق استراتيجية ذات ثلاث مراحل، في المرحلة الأولى قام فريق من الغواصين بجمع مقاطع فوتوغرافية لتصوير كثافة وانتشار وتنوع مواطن الشعاب في كل من المواقع التي تم مسحها. وفي المرحلة الثانية تم استخدام سفينة صغيرة لتغطية مساحات واسعة فوق مجمع الشعاب مع تسجيل مستمر لقياسات أعماق البحار بمعدل 10 مرات في كل ثانية لعمق يتراوح بين 0.2م – 200م. إلى جانب استخدام السفينة كمنصة لجمع "فيديو كليبات" صغيرة شملت 1200 مشاهدة بحرية في عمق 50م ، وتم تحديد مواقعها عن طريق جهاز تحديد المواقع GPS مما ساعد في تحليل معلومات الأقمار الصناعية حول طبوغرافية قاع البحر في أعماق تصل إلى 150م، إضافة إلى تحليل الانعكاس الإشعاعي لمواطن طبيعية برية وبحرية هامة عن طريق مقياس كثافة الطاقة الشمسية ، مغمور تحت الماء. وتمخضت معالجة صور الأقمار الاصطناعية عن منتجين هامين، الأول عبارة عن خريطة لمنطقة قاع البحر مقسمة إلى 12 فئة تغطي بنية الشعاب وحالة المواطن بما في ذلك المناطق ذات الكثافة المرجانية والطحلبية وحشائش البحر والرسوبيات غير المتصلبة. أما المنتج الثاني فهو استخراج القياس المتري الإشعاعي من المواد المصورة للحصول على معلومات حول طبوغرافية قاع البحر وإعداد خريطة شكلت الأساس لاستنباط مؤشرات جديدة عن صلابة قاع البحر وذات فائدة في تحليل الآليات المسئولة عن الطبوغرافية الحديثة للشعاب والتنبؤ بكثافة الأسماك الشعابية التي تستجيب لقساوة القاع. وتضمنت كل صورة المعلومات والمنتجات في نظام المعلومات الجغرافية GIS . أتاحت الحملة التي نفذت في ضفاف فرسان عام 2009م إضافة تقنية جديدة لآليات قياس أعماق البحار وتحليل تركيبة الشعاب المرجانية التحت سطحية والتحت قاعية. كما ساعدت هذه التقنية في فهم الهندسة الداخلية للشعاب المرجانية عن طريق تطبيقات البحث عن بيئة الشعاب المدفونة تحت البحيرات الرملية الضحلة بواسطة إطلاق موجة ساحلية ذات تردد منخفض تنتشر عبر سطح البحر وإلى أسفل الصخور التحتية والرسوبيات. وأظهرت هذه الآلية أنه كلما ازداد عمق الشعاب المدفونة، كلما زاد طول الفترة التي عاشتها في الماضي، وبالنظر إلى قوة هذه الآلية، يمكن استخدامها لتحديد البنيات التي تمتد إلى عمق مائة متر تحت قاع البحر والتي ربما تعرضت للزوال أو صارت مدفونة بعيد العصر الجليدي الأخير قبل حوالي 12.000 عام. تتيح هذه الآلية ، بالتنسيق مع صور الأقمار الصناعية، التعرف على مدى تحكم التنظيم القديم للشعاب القاعية في وضعية الشعاب المرجانية الحديثة مما يعتبر خطوة متقدمة في فهم نشأة وتطور النظم الشعابية بالساحل السعودي للبحر الأحمر. تشمل النتائج الرئيسية التي تحققت بفضل استخدام قاعدة معلومات الاستشعار عن بعد في منطقة البحر الأحمر الآتي :- (1) مقارنة شاملة ومراجعة لأخطاء تقديرات الكثافة العددية التي صورت عن طريق أجهزة الاستشعار عن بعد المحمولة جواً فوق 3200 كلم2 من جزر فرسان. (2) تحديد معدلات هطول الأمطار في منطقة الشرق الأوسط القاحلة والتي كانت بتقديرات أكبر مما هي عليه حالياً، ويُخشى أن تكون قد حدثت قبل 9000 و 4000 عام مضت كان مستوى سطح البحر خلالها منخفضاً بشكل ملحوظ مما هو عليه حالياً وأن الندبات التآكلية استمرت منذ ذلك الوقت في البنية الشكلية لموطن الشعاب الحالي وتساهم في رسم قاع البحر بكل من رأس القصبة وينبع والوجه وجزر فرسان. (3) يُخشى أن تكون الكثافة السابقة غير المعروفة لنمو الشعاب منذ العصر الجليدي الأخير ما بين 10 و 20 متر ، الأمر الذي لم يكن معروفاً في البحر الأحمر، ويؤكد أن تطور الشعاب في المنطقة كان قوياً خلال عدد من الألفيات الأخيرة. إجمالاً ، يمكن القول بأن المعطيات وثيقة الصلة بالواقع مع الأخذ في الاعتبار أن الوضع الصحي للشعاب في عدة مناطق تم مسحها خلال الحملة كان هامشياً ومضطرباً، لذا فإنه من الضروري النظر إلى هذه الاضطرابات في السياق التاريخي لحالة الشعاب في منطقة البحر الأحمر.