حولت عائلة أبو موسى، متجرا قديما مهجورا لا تتوفر فيه أدنى مقومات الحياة البشرية، إلى منزل يأويها بعد نزوحها من مدينة "الشرقاط" شمالي العراق، هربا من المعارك بين القوات الحكومية وتنظيم "داعش" التي انتهت عمليا بدحر التنيظم من آخر معقل له في محافظة صلاح الدين.وفي منزلهم الجديد المهدد بالانهيار في أي لحظة، والذي لا تتجاوز مساحته الأربعة أمتار طولا، يحاول أفراد العائلة العراقية التأقلم مع ظروف حياتهم الجديدة القاسية، فهم مجبرون على البقاء هناك حتى يتسنى لهم العودة لديارهم. حكاية عائلة "أبو موسى" بدأت قبل 40 يوما، عندما فرت من "الشرقاط" مشيا على الأقدام، إلى مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين، لتنفجر بالقرب منهم خلال رحلة النزوح عبوة ناسفة ما أسفر عن فقدان إحدى فتيات العائلة الخمس، التي لا يتجاوز عمرها ال10 أعوام. وتتمنى العائلة المكونة من أب وأم وأربع فتيات وثلاثة ذكور إضافة لزوجة أحد الأبناء وطفلها، مغادرة مأواهم المتهالك والعودة إلى منزلهم الواسع في مدينة الشرقاط بعد تحريرها من "داعش". ويقول رب العائلة الذي عرف نفسه باسم "أبو موسى"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه كاملا، "نحن مجبرون على البقاء هنا في حي القادسة بمدينة تكريت، داخل المتجر القديم لأن جميع المنازل الكاملة والأخرى قيد الإنشاء والبنايات في المدينة سكنها النازحون من الشرقاط والموصل ومناطق أخرى". وتكريت هي مركز محافظة صلاح الدين، تم طرد عناصر تنظيم "داعش" منها قبل أكثر من عام خلافا ل"الشرقاط" التي ظل نحو 100 الف من سكانها يعانون من الحصار المطبق الذي يفرضه "داعش" داخلها والجيش في محيطها، لأكثر من عام. "علي عبد الرحمن"، أحد 5 آلاف نازح من الشرقاط، يسكنون في مخيم "ديبكة"، بأربيل في الإقليم الكردي، يقول : "الأوضاع الإنسانية بالمخيم صعبة. هناك شباب تمكنوا من الفرار من دون عائلاتهم يضطرون للنوم في العراء بسبب عدم وجود خيام كافية لهم، كما أنهم لا يستطيعون الخروج من المخيم إلا بمساعدة من يتكفلهم من خارجه". من جانبه، يقول طه الجبوري، رئيس المجلس المحلي لقضاء الشرقاط، إن "المدينة تضم نحو 200 ألف شخص فرّ نصفهم نحو تكريت وأطراف مدينة بيجي (شمالي العراق)، وجنوبي نينوى، وأربيل، ويعيشون صعوبات كثيرة، بينما الباقين في الشرقاط هم في أتعس حال، حيث لا يتوفر لديهم أصناف رئيسية من الطعام مثل دقيق القمح، والأرز، إضافة إلى أن أسعار المواد الغذائة ارتفعت بشكل جنوني بسبب ندرتها".