تستطيع أن تقتل شخصاً لكنك لا تستطيع القضاء على فكره منفرداً.. أو على الموروث من قناعاته في توزيع معتقداته عن بقية الناس من الأحياء الذين تكرست في أذهانهم قناعات أصبحت جزءاً هاماً ليس ثقافتهم ولكن من ممارسات حياتهم. وبالتالي تبقى مسافات المواجهة مختزلة في منظومة متكاملة من مناهج تلك القناعات في إطار من التركيبة الإنسانية والعقائدية.. والانتماءات التربوية. إضافة إلى مؤشرات اجتماعية في الترويج لما يعتقد البعض أنه لا بديل لذلك التجسيد. هنا وفي نظرة سريعة للأبعاد والمضامين ومخاطر المرحلة. لا نستطيع الهروب من الارتهان إلى الخلط العجيب بين الحرب على الإرهاب من منظور القوة سواء كان بالرصاصة أو حاملة الطائرات أو التهديد والاعتقال.. إلا أن ذلك ليس الحل الأفضل أو الأهم في حلبة الصراع. بل يظل مشروع العلاج الأكثر تأثيراً يتمثل في مواجهة الفكر بالفكر.. وهي مهمة ليست سهلة في زمن مختلف ومتغير لم يعد لجغرافيته حدود على خارطة الأرض.. وهو ما يدفع بالمزيد من أخطار تزايد القناعات. وتكريس مخرجاتها. ذلك لأن الخطاب المتطرف كان محدوداً في منطقة الشرق الأوسط. وبداية المزرعة المنتجة آنذاك للإرهابيين. وهي افغانستان وهنا لا يفوتني أن أشيد بذلك المفكر الأفغاني الكبير محمد قاسم حليمي الذي قال مخاطباً العرب. نحن كنا قد أرسلنا لكم جمال الدين الأفغاني فأرسلتم لنا أيمن الظواهري!! كلام خطير. وهام يعصر التاريخ.. ويكتب صفحة سوداء في فصول صناعة التطرف. لكنها لم تكن المرحلة الأولى تلك المزرعة الأفغانية بل كانت «للتسمين» وذلك بعد أن تكاثرت وانتظمت في كثير من «حلقات» الأماكن.. ووضعت مناهج التأسيس في صورة وثائق لانطلاق رصاصة الموت بأدوات تكون قد اصبحت جاهزة للتنفيذ. وكبرت في عددها وعدتها بعيداً عن مواصفات أربطة خيوطها!!. وها هي تبرز هذه الجماعات ليس في شكل دولة.. ولكن في وهم دول في منظومة أحلامها حكم العالم.. وهو ما يتجاوز طموحات سابقاتها. سواء على الصعيد الإسلامي أو الدولي المناهض. وإذا كانت المهددات قد توسعت بهذه الصورة المخيفة التي جعلت العالم يفكر ويعيش خارج الحياة بالفعل. فإن التفكير في الخروج من المأزق سيظل مشغلاً للعالم دون نتائج.. وسوف يولد الكثير من الحروب بين دول كبرى وصغرى ليكون المستفيد منها هو الإرهاب الذي سيتعايش مع الانتماءات والولاءات العبثية ما بين السياسة والاقتصاد. ثم لا يخرج عن ضرب الاعناق ظلماً وكفراً.. والإساءة للعقيدة الإسلامية في مسار تصاعدي على انقاض الأرض.. ودماء البشر!! واليوم وإذا كان هناك صحوة ثقافية وسياسية ودينية تجاه التطرف. فإن ذلك قد جاء متأخراً لمقابلة «الصحوتين» وذلك منذ زمن بعيد منذ قيام الأولى عند الجماعات المتطرفة التي كانت قد قامت بغزو دور التعليم ووسائل الإعلام قبل أكثر من 40 عاماً. ثم بدأنا الآن «صحوة» متأخرة للتخلص من تسويق أفكار أولئك الذين زرعوا البارود في صفحات من كتبهم داخل دور التعليم!!.وذلك في محاولة لإنقاذ ما تبقى من خراب مالطا!!.