بين الحين والآخر تنكشف حقائق لا يمكن اغفالها من الاستراتيجية الأمريكية التي انطلقت في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر عام 2011م. لكنها كانت أكثر وضوحاً في المشهد المصري.. وفي هاتين الحالتين سوف اختصر مقالي اليوم . أولاً: بعد حادث مركز التجارة العالمي المشار إليه أعلاه. قررت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تنقل الصراع مع الجماعات الاسلامية إلى منطقة الشرق الأوسط من خلال خطة تستهدف كلاً من أفغانستان والعراق. وحينها قال بوش الابن: إنه من الأفضل ألا تكون حربنا مع هذه الجماعات في شوارع أمريكا.. ولكنه يجب أن ننتقل بهم إلى أراضيهم وهو ما حصل بالفعل. ومع التجربة في كل من بغداد وكابول وجد الأمريكيون أنهم أمام جسر جوي من توابيت قتلاهم في مناطق لم يكن لديهم معرفة كاملة بحجم شراستها. خاصة حين يكون الصراع على أراضي هذه الجماعات. ومع مرور الوقت.. ومع زيادة حجم الخسائر الأمريكية سواء في صفوف القوة العسكرية أو على مستوى التراجع الاقتصادي في الداخل نتيجة ارتفاع النفقات لميزانية البنتاجون التي أثقلت كاهل الخزينة الأمريكية. كان لا بد من البحث عن تحول في الاستراتيجية وصولاً إلى تجسيد الشق الأول من الخطة في نقل المعركة.. ولكن بين الأطراف في المنطقة. حصل ذلك بعد أن تأكدت المخابرات الأمريكية أنه لا يمكن ايقاف حربها مع الجماعات الاسلامية تحديداً سواء في الداخل أو الخارج من خلال ملاحقة مصالحها في العالم إلاَّ بتفعيل الجزء الثاني من هذه الخطة في الشرق الأوسط .. وهي أن يتم احتواء الجماعات الاسلامية بكل فصائلها. وذلك من خلال دعمها وعدم معاداتها.. والمراهنة على ولائها بدلاً من محاربتها بالنيابة عن حكوماتها وبقية الأطراف السياسية المعتدلة بكل أطيافها.. وهو ما بدأ تنفيذه في السنوات الأخيرة. ومن ثم يمكن أن نستعرض خطوات التنفيذ في الآتي: فتحت واشنطن أبواب القاعدة وبقية الفصائل الإسلامية في كل من العراق وأفغانستان وصولاً إلى دول المغرب العربي وافريقيا. اضافة إلى دخول هذه الفصائل على خط الصراع في سوريا. ثانياً: حين فاز الاخوان المسلمون في مصر كان ذلك يعني اضافة مهمة للاستغلال الأمريكي في منهج الخطة. وهو ما كشف حقيقة المرحلة الثانية التي ترى واشنطن انها حلقة مهمة في الاستراتيجية. حيث كان يمكن استمرار الصراع في مصر على أساس ديني وفكري لا يدرك المصريون أبعاده في الايدلوجية الأمريكية. وبالتالي كانت رسائل البيت الأبيض خلال اليومين الماضيين ليست دفاعاً عن مرسي ولا عن الجماعة الاخوانية بقدر ما كانت من أجل الوصول بمصر إلى حرب أهلية ينتج خلالها انقسام داخل المؤسسة العسكرية يؤدي إلى انهاك أكبر دولة على حدود اسرائيل ويجعلها دولة ضعيفة من الناحيتين العسكرية والاقتصادية. وهذا ما يجب ان يدركه اخوان مصر قبل أطيافهم الأخرى.. وأن يهربوا ببلادهم من الفخ الأمريكي في هذه المرحلة المهمة من تاريخهم أرضاً .. وإنساناً .. وأن يدرك الجميع ان الموقف الأمريكي ليس دفاعاً عن الشرعية. ولكنه دفاعاً عن الاستراتيجية ! [email protected] Twitter:@NasserAL_Seheri