ليلة دموية مختلفة.. ليلة أعادت إلى الذاكرة قصة ذات فصول متعددة في التاريخ الفرنسي. لكنها لم تكن بحجم جرائم الأماكن المتعددة في ليلة ستظل تحت عنوان (الثالث عشر من نوفمبر) وذلك في فصل جديد من مسرحية كانت بين الجد والهزل في عروض لم يكن جنرالات الحروب في بعد عنها.. أيضاً لم يكونوا في مأمن من إرث سيئاتها. في حين بقيت أطلال تلك الحروب القاسية شاهداً على نضال أمة كانت تناضل بالكتابة على الجدران.. وتجمع شتاتها بعلامات النصر التي ترشد إلى تحديد المكان. لتعود إلى معايشة استدعاء لعنة الحرب.. وأخطار نضال من نوع آخر.. يتمثل في غزاة كان الفرنسيون قد تجاوزوهم حضارة وفكراً ثقافياً وتعايشاً سلمياً يحترم حوار الحضارات وإنسانية البشر.. وقطعوا مراحل طويلة من إعادة بناء هذه المكونات بروح العصر وتحولاته. هكذا عاش الفرنسيون واحدة من أسوأ الحروب التي نتجت عنها ثقافة التطرف في عالم اليوم في صورة مظلمة ومؤلمة خارج حدود احتمال العقل.. بل جنون من يرون فيها امتداداً لفتوحات إسلامية مدعومة بقوة ورباط خيل تعثرت خطواته في خطاب الانحراف.. وطريق الايغال في مسالك الجريمة في منهج الإرهاب القبيح. خيلٌ شكل فرسانه عصراً من الهجمات القوية التي يمارسونها ضد الإسلام في داخل الوطن العربي.. وخارجه ومن فوق «سرجه» كانت العقيدة على موعد مع تفخيخ إيمان الأمة.. لا نصرتها ورفع رايتها.. بل من أجل محاربتها.. واسقاط شعاراتها.. وتحويل هذه الأمة إلى غابات من التيه في غياهب الجهل والدمار. وذلك في محاولة لاختطاف مبادئ الإسلام إلى مسافات من الجهل والظلام. بالأمس فرنساباريس لم تعد تلك التي كانت بوابة أوروبا في شكلها التقليدي وذاكرة أدباء المهجر العربي.. ولا كرسي «بول سارتر» على مقهى الأدب الفرنسي في لقاء يتناغم مع نسائم صباحات الشرق. ولا غروب الشمس نمو خارطة الغرب التي تتوزعها تضاريس الأرض وتقلبات حالات السماء. فقد كتب الغزاة الجدد ضد الإسلام.. لا ضد الفرنسيين مرحلة أكثر سوءاً في تاريخ الحروب الإسلامية المعاصرة وذلك ضمن حلقات المشهد الإرهابي الذي لم يتوقف عند دماء أصحاب عقيدة أو مذهب داخلي أو خارج المنظومة العربية والإسلامية. وهو ما يفرض ذلك التحول الجديد ضد الإسلام وضد الجاليات المسلمة في فرنسا. على أن فرانسوا هولاند.. الرئيس الفرنسي سوف يواجه حرباً مختلفة في الأيام القليلة القادمة. حيث يشتعل حريقاً سياسياً داخلياً من نوع آخر على إدارة قصر الاليزيه التي يرى الفرنسيون أنها اخفقت في مواجهة تصعيد الإرهاب. ولم تستطع فرض الاجراءات الأمنية بعد حادث تفجير صحيفة (شارلي إيبدو).. وصولاً إلى (نصف درزن) من العمليات الأكثر ضراوة في ليلتها الحمراء بدماء الأبرياء مساء أمس الأول. وتبقى قصة الحب والحرب.. والجهل والظلام.. تثير التجاذبات المتعددة الألوان والاتجاهات في دائرة الكثير من المتغيرات في الملف الفرنسي مع ذلك التحول الذي فرضته جماعات متطرفة في (غزوة باريس) التي ستظل تداعياتها مدفوعة الثمن عربياً .. وإسلامياً على المدى البعيد؟. [email protected] Twitter:@NasserAL_Seheri