كشف الأستاذ عبد الله بن صالح جمعة الرئيس الأسبق لأرامكو السعودية أن الشخص المتميز يمتلك 93 % من المهارات الشخصية الإبداعية و7% فقط مهارات تقنية وفقاً لأبحاث أجريت في جامعة هارفرد الأمريكية عام 2001م، وقال: إن المهارات الشخصية هي باختصار مجموعة من السمات الشخصية والمكاسب الاجتماعية، والقدرة على التواصل والتحدث، وإشاعة الود والتفاؤل، والعادات الشخصية التي تميز علاقاتنا مع الآخرين. أكد ذلك خلال إطلالته بالملتقى الرابع للجمعية الدولية للأمن الصناعي بجدة بحضور الأمير تركي بن عبدالله بن سعود بن سعد مدير عام الإدارة الأمنية الأولى بوكالة إمارة منطقة مكةالمكرمة للشؤون الأمنية والأستاذ محمد الشمري نائب الرئيس الأعلى للجمعية الدولية للأمن الصناعي بمنطقة الشرق الأوسط وأكثر من 350 شخصية من المسؤولين والخبراء والمختصين بفندق جدة هلتون . ولفت في محاضرته التي جاءت تحت عنوان" طريق القيادة بين الورود والأشواك" إلى أن للقيادة في المؤسسات الاقتصادية دور كبير، وقال موجهاً كلامه للعاملين في الأمن الصناعي:: الإخفاق في القيادة في مجال الأعمال التجارية قد يؤدي إلى خسارة مالية أو انخفاض في سعر أسهم الشركة، ولكن القيادة في مجال عملكم تعد أمرًا بالغ الأهمية نظرًا للدور الذي تضطلع به أجهزة الأمن في الحفاظ على أمن المملكة ومواطنيها والمقيمين فيها، فالإخفاق في أعمال الأمن قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح أو إلحاق أضرار جسيمة بمصالح المجتمع. ومن ثم، فالخطر أكبر بكثير عندما يتعلق الأمر بالقيادة في مجال عملكم الأمني. واعترف أن المهارات السلوكية كانت خير عون له في مجال البترول وعالم الأعمال، مشدداً على أنها أكثر أهمية في عمل قيادات الأجهزة الأمنية، حيث أن أعمالهم تركز على أفعال البشر وردود أفعالهم، وما لديهم من معلومات يستطيعون تقديمها، وأواصر الثقة (أوانعدامها) فيما بينهم، وتنمية قدراتهم الفكرية، وقال: عن تجربة:"وجدت أن المدراء والقادة الذين يعولون فقط على ماتعلموه دراسة وتدريبا إداريا واكتفوا به للتعامل مع مشكلات القيادة لا يعدون قادة بارزين فهم عندما يجدون أن ما تعلموه لا يحل المشاكل التي تواجههم يصابون بالإحباط والتوتر مما ينعكس سلبا على أدائهم وعلى علاقاتهم بمرؤوسيهم وبالنتيجة على مؤسساتهم، والقادة الذين يعرفون أن عالم الأعمال ملىء بالمفاجات والتناقضات ودرجات كبيرة من اللا معقول هم الأقدر على مواجهة الحالات التي لا تخطر على البال. وأشار رئيس أرامكو الأسبق إلى أن القائد الإداري الناجح عليه أن يعيش في الحاضر والمستقبل في آن واحد. فالعيش في الحاضر مطلوب لأنه يمس الواقع الآني ومشكلاته ، أما العيش في المستقبل فهو مطلوب أيضاً لأنه الوسيلة الوحيدة لاستشراف ما قد يحدث في المستقبل ويؤثر على أعمال المؤسسة، فمن كان يجمع بخياله في عام 1985م ويتصور أنه سيخرج عليها شيء إسمه الإنترنت يغيّر، بين أمور كثيرة، خارطة التعامل التجاري في العالم!، وهل كان صناع أو تجار ووكلاء أجهزة الكشف الأمنية الحديثة يتصورون الفائدة التجارية العظمي التي يجنونها حاليا من المآسي التي يعانيها العالم منذ تدمير البرجين في نيويورك في 2001 م. وأوضح عبد الله جمعة أن صفات القائد المتميز تتمثل في تنمية التفكير الاستراتيجي الذي يربط خطط المؤسسة المستقبلية بأعمالها اليومية، ويستثمر بسخاء في تطوير العاملين، وصناعة فريق العمل المتكاتف، والقادر على تحويل الخطط والأفكار إلى واقع عملي، وبناء علاقات عمل وشراكات مثمرة. بمعنى آخر النظر للأمور بمنظور شامل وبعيد المدى، وقال:" القادة الحقيقيون هم أناس عاديون ، ولكنّ لهم مثابرة وتصميم غير عادي، فهم أناس يرون أن المهم ليس حجم التحديات التي تواجههم بل القدرة على تنمية وتقوية المهارات التي بداخلهم للتغلب علي الصعاب. هم أناس يهيئون البيئة المناسبة لتمكين موظفيهم ومؤسساتهم من التطور والارتقاء ، وبالتالي فإن القيادة أقرب أن تكون فناً من أن تكون علماً فهي ليست قدرة فنية متخصصة فقط ، وإنما هي سلوك وأسلوب في التعامل مع البشر، يحتل البعد الإنساني فيه مكانة كبيرة. ونوه إلى وجود نمط من القادة لا يرغبون في تكوين فريق عمل فعّال، إما لأنهم يودون الاستئثار باتخاذ القرار، وإما لأنهم يخافون على أنفسهم من وجود من هو أقوى منهم في فريقهم، وقال: تعلمت من كرة القدم أن اللاعب القوي يقوي الفريق واللاعب الضعيف يضعف الفريق، تصوروا فريق كرة قدم مكون من أحد عشر لاعبا يملك كل منهم نفس مهارات رونالدو أو ميسي أو ماجد عبد الله – الله يمسيه بالخير فريق كهذا لا يحقق الفوز. لأننا بحاجة الى مهارات المدافعين ولاعبي الوسط وصانعي الألعاب والأجنحة وحراس المرمى، فكل مركز من هذه المراكز تحتاج إلى مهارات خاصة بها لتتحقق النتائج الجيّدة، تعلمت من التجربة في القيادة كذلك أهمية أن تكون لأعضاء الفريق الفرصة في طرح آرائهم وتصوراتهم بحرية تامة حتى وإن تعارضت آراؤهم مع آراء رئيس المؤسسة فالكثير من الدروس يمكن أن نتعلمها من الاستماع لآراء فريق العمل. وروى رئيس أرامكو الأسبق قصة واجهته عقب إلقاء محاضرة في إحدى جامعات مدينة سان باولو البرازيلية، قال: سألتني إحدى الطالبات إن كنت فخورًا بكوني أنتمي إلى عالم البترول، ومن خلال نبرة صوتها كان واضحًا أنها تحمل نظرة سلبية لكل ما يمت للبترول بصلة، وقد أجبتها بقولي:" إنني فخور جدًا، لأنني بعملي في عالم البترول فإنني أنتمي إلى عالم أعمال يضفي السعادة على الناس، شرحت لها كيف أن الطاقة التي ننتجها تمكّن الناس من أن يعيشوا حياة أكثر كفاية وأكثر رضا وأكثر حيوية، وكيف أن منتجاتنا تساعدهم في التنقل، وتسهم في حمايتهم وتوفر العناية الطبية لهم. كما لفتُّ انتباه تلك الشابة إلى أنها تقف أمامي وهي من رأسها إلى أخمص قدميها ترتدي ملابس صنع جلها من الزيت والغاز"! وختم جمعة كلامه قائلاً: قد لا نكتسب دروسا جديدة في الحياة من النجاح. معظم الدروس التي لها تأثير في حياة المؤسسات والأفراد هي دروس من الفشل. بشكل عام عند حدوث الفشل نجد الكثيرين يبحثون عن المبررات بدلا من البحث عن الأسباب. وقد علمتني الحياة أن القرارات السليمة تأتي من التجربة التي هي في الغالب حصيلة عدد من القرارات السيئة. ورحب عبدالله العيسى رئيس فرع الجمعية الدولية للأمن الصناعي فرع جدة بالمتحدث الرسمي عبدالله جمعة وقال:إن هذا اللقاء يتجدد ويزداد أهمية وتأثيرا من خلال حماسكم وتفاعلكم مع ما يطرح فيه من أفكار ورؤى تساهم بالنهوض بمنظومة الأمن الصناعي في المملكة بشكل عام وفي المنطقة الغربية بوجه خاص" ، كاشفاً أن فرع الجمعية الدولية للأمن الصناعي بجدة قد فاز بجائزة الرئيس لسباق تحدي قادة الجمعية للعام 2015، باعتباره الفرع الأكثر جذبا وتسجيلا للأعضاء مقارنة بباقي الفروع حول العالم. والقى عبدالاله الفارس مدير عام سابك بالمنطقتين الغربية والجنوبية كلمة بهذه المناسبة واهمية عقد مثل هذه اللقاءات العلمية وتبادل المعلومات والافكار بما يسهم في منظومة المجتمع. وفي الختام ، قام عبدالله العيسى بتكريم عبدالله جمعة بهذه المناسبة والرعاه بالملتقى.