انطلق منتدى الاقتصاد العالمي الاخير بكلمة افتتاحية من رئيس ومدير المنتدى (كلاوس شفاب) وحفل موسيقي رفيع المستوى وفي اليوم التالي بدأت المناقشات الفعلية للمنتدى شارك فيها اكثر من (2500) شخص من 40 دولة من بينهم اكثر من (300) رئيس دولة وحكومة ووزير الى جانب حوالى (1500) من صانعي القرارات الاقتصادية ورجال الاعمال بالاضافة الى ممثلين عن منظمات دولية. ولقد تابعت جلسات المنتدى وكانت مناقشاتهم عبارة عن مواضيع حوارية يستعرض فيها كل متحدث قدرته على الكلام والدفاع عن رأيبه دون تراجع حتى ولو كان مقتنعا بخطأ هذا الرأي. ووسط كل هؤلاء المشاركين في منتدى دافوس هذا العام كانت ورقة الاممالمتحدة الذي رسمت فيه صورة قاتمة للاقتصاد العالمي تأكيدا لما ورد في تقرير منظمة العمل الدولية في جنيف من ان البطالة لا تزال ترتفع على الرغم من مرور (6) سنوات على الازمة المالية العالمية حيث بلغ عدد العاطلين في العالم بلغ حوالى (201) مليون شخص خلال عام (2014) وتوقعت زيادة العدد بمقدار (3) ملايين شخص خلال العام الحالي و(8) ملايين في السنوات الاربع التالية لكن المناقشات التي دارت حول المواضيع الاقتصادية وازماتها من حيث الوظائف ومعالجة ازمات الفقر والرواتب او الدخول انما كانت تشبه صورة اهل بابل في برجهم الذين الذين اختلفت ثقافتهم فلم يفهم احد منههم عن احد شيئا او كما يقول المثل العربي "جعجعة ولا طحن" بمعنى انه لا فائدة ولا نتيجة من هذه الكلمات فلم تطرح حلولا للازمات الدولية الاقصتادية والتنموية الشاملة ولم يتقدم احد بفكرة لتصحيح مسار الاقتصاد الدولي او حتى اقتراح يسهم في التخفيف من معاناة الدول الفقيرة حول العالم. ان تاريخ منتدى "دافوس" يخبرنا انه لم تتمخض حواراته عن قرارات حاسمة من قبل الدول الغنية بزيادة مساعدتها الاقتصادية لدول الجنوب (دول العالم الثالث) او الدول الفقيرة، ودائما كانت تنتهي لقاءات المنتدى بكلمات منمقة عن ضرورة الاهتمام بتنمية دول الجنوب (الفقيرة). ومع قراءة تاريخ اعمال منتدى (دافوس) نلمس ان كل لقاء من لقاءاته وحواراته منذ بدايته الاولى يتم التركيز وتوجيه الانظار على اخطر مشكلات الانسانية والتي تعد قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار في وجه الجميع في جميع الاتجاهات مشكلة كل من الفقر والبطالة. ويتبادر الى اذهاننا سؤال عندما نتحدث عن ملتقى دافوس هو ما الذي يدفع ذلك العدد الكبير من الرؤساء والزعماء والمشاهير في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية للمشاركة في الملتقى، رغم انه لا يخرج بقرارات ملزمة ولا بيان معتمد، وليس له اية سلطة يعتمد عليها اعتمادا مباشرا وغير مباشر. لذلك يمكن القول ان هذا الملتقى ليس سوى مؤسسة فكرية واستراتيجية عالمية وغير حكومية للشركات الدولية العلاقة متعددة الجنسيات وللرأسمالية بوجه عام تسعى لارادة العالم غير نخبة ضيقة تتضارب ومصالحها مع مصالح اغلب شعوب الارض. بمعنى ادق ان هذا الملتقى بمؤتمراته السنوية منذ عام (1971) يمكن وصفه بانه يمثل جدلا دائما ويعكس مساحات لا طائل من ورائها مما يؤكد ان مواجهة الازمات الدولية وتأثيراتها على التعاون الانساني الدولي لا تحققه كلمات محفوظة عالية الرنين. خلاصة القول فإنه اذا كان ملتقى (دافوس) الذي تبنى العولمة وسيطرة راس المال وتحرير التجارة من القيود الزمانية والمكانية، فان الدرس المستفاد من مناقشات وكلمات المشاركين في الملتقى الاخير ان الحقائق على الارض غابت في ظلال اجتهادات قادة العالم والسوق حيث لم تحدد مجادلاتهم في كيفية الخروج من ازمات الانسانية العالمية، مما سيؤدي الى قلائل واضطرابات اجتماعية وارهاب حول العالم. ايا كان الوضع فان مناقشات ملتقى (دافوس) هذا العام وفي اطار الازمة الانسانية العالمية تعكس الخلافات حول سبل مواجهتها مما يقود العالم نحو مزيد من الانعزال التنموي داخل الدول وداخل التكتلات الاقتصادية وبالتالي الى انهيار العولمة وسيطرة مبادئ اتفاقات (الجات) التي انشأت منظمة التجارة العالمية وبالتالي الى تلاشي اهداف تحرير التجارة من القيود الرقابية والمكانية من وضع النهاية سمع المشىاركون جملة سعيكم مشكور من مؤسس ومدير المنتدى (كلاوس شفاب).