ان اشتراكية النص تنحصر بين قطبين أساسيين، وهما المتلقي والكاتب ومابينهما هو(النص)، فهما مكملان لبعضيهما تكاملا يختلف بإختلاف ماهيتهما، فإذا كان الكاتب غزير المعرفة ومثقفاً وكان القارئ الذي يعتبر(متلقي) بعكس ذلك تجد ان هناك فجوة بينهما، وتجد حكم المتلقي سلبي وقد يطلقٌ على الشاعر أحكاماً دون مستواه الفعلي بناءاً على النص المقروء بغير فهم، وأما اذا كان المتلقي مثقفا والكاتب دون ذلك فقد تجد حكم القارئ على النص وصاحبه مشابهاً لحكم الحالة السابقة، ولكن الفرق أن الحُكم صدر من شخص مخوّل أدبيا لإطلاقه، وهذا الاختلاف في الثقافات ومعايير الغزارة المعرفية هو من اساسيات المشكلة الموجودة حاليا في الوسط الشعري، فتجد بعض من متلقي الشعر لا يواطنون قصائد لشعراء كبار مثقفين، والسبب في ذلك هو القصور الفكري المتمثل في الفهم لديهم، ولذلك تجد ان الشاعر السطحي غالبية جماهيره أناس سطحيين، والشاعر المتمكن (المتبّحر) تجد جمهوره من اهل الصفوة الفكرية والثقافية، ولو تم القياس في هذا الأمر لجاز لنا القول ان (متلقي) مثقف يساوي عشرة (متلقيين) سطحيين، فالعبرة في الحكم النقدي للنصوص الادبية يعود الى المخزون العلمي والثقافي لصاحبه، وهنا نتوقف من باب العدل عند الحكمة التي تقول ان (كل نظرية تبدأ ب ( كل ) فهي نظرية خاطئة بما فيها هذه النظرية)، وإسقاطها لدينا هنا في الحالات الشاذة التي لاتنطبق على ماسبق، فهناك شعراء أُميين لايكتب ولا يقرأ ولا يملك المخزون العلمي الأدبي والثقافي الذي جرى التنويه عليه سابقاً، ولكن لايختلف إثنان على نصوصهم بإختلاف المدارس الشعرية كافة، وهؤلاء لاينطبق عليهم الوصف السابق في العلاقة التكميلية بين المتلقي وصاحب النص ولذا جرى التنويه، ويبقى المثل الشعبي الدارج حكم ليس اجنبي يحكم بالعدل والذي يقول (من لايعرف الصقر يشويه).