جدة – ابراهيم المدني وعادل القرني استبعد مسؤولون واكاديميون تقنيون الابتعاث للخارج في الوقت الراهن فيما نفى مسؤولون في وزارة التعليم ايقاف الابتعاث بشكل كامل وقالوا في حديث للبلاد لا صحة لكافة الاشاعات التي تم تناولها فالابتعاث مستمر ومعدلاته كما هو مخطط لها مسبقاً من قبل الجهات ذات العلاقة. وقال اكاديميون ومهتمون :كان ومازال مشروع الابتعاث من أهم الخطوات التي اتخذت في مسار التعليم في المملكة، حيث أتاح الابتعاث الفرص الكبيرة والثمينة للشباب للحصول على فرص ذهبية في التعايش مع تجارب المجتمعات الأخرى في طرق التعليم العالي لديهم، والتنوع التخصصي الذي سيؤهل الشباب المبتعث لإتاحة التنوع في سوق العمل المحلي في وطنه، من خلال تخصصه فيما يحتاجه الوطن من مجالات جديدة برعت فيها المجتمعات الغربية، وعلى الرغم من النجاح الذي برهنته تجربة الابتعاث في تحقيق نسب نجاح كبيرة للذين ابتعثوا؛ إلا أنّ هناك من الشباب من أصبح يتخذ من «الابتعاث للخارج» وجاهة اجتماعية وموضة أصبحت موجودة ومتاحة للجميع، يرغب من خلالها أن يسافر ليجرب طعم الحرية، والحياة المتنوعة في المجتمعات الأخرى، وحتى يحصل على لقب خريج جامعة أجنبية أكثر من كونها نظرة جادة للمستقبل الذي يرغب أن يحقق من خلاله الحلم الكبير بأن ينجح ويعود ليخدم وطنه الذي أتاح له تلك الفرصة الذهبية، فهناك من الشباب من ابتعث وفشل بسبب عدم جديته في الدراسة، فالابتعاث لديه فرصة تغيير لمكان أكثر من كونها مستقبلا مسؤولا عن إيجاده، وربما أصر بعض الطلاب للخروج من جامعته التي التحق فيها في داخل الوطن ليبتعث وليقال عنه بأنه خريج «أمريكا» مثلاً، فهل حقاً هناك من يبتعث رغبة في الوجاهة واعتبارها موضة الدراسة لدى الشباب؟ وإذا كان ذلك غير صحيح ما سر فشل البعض لأكثر من مرة في تعليمه خارج أرض الوطن حينما يبتعث؟ هل الخلل في اختيار تخصص الابتعاث؟ أو في الخلفية الثقافية والاجتماعية التي لاتبني قواعد جيدة لدى الأبناء من الشباب في النظر إلى المستقبل وإلى فرصة الابتعاث الذهبية بطريقة أكثر جدية؟ مشروع كبير يرى البعض أنّ الابتعاث مشروع كبير لابد أن يدرك الطالب المبتعث مدى مسؤوليته بشكل حقيقي أكثر من النظر إليه على أنه وجاهة اجتماعية أو موضة لابد أن تتبع، في حين يصر البعض على أنّ هناك من الطلاب من لديه أرضية علمية غير متناسبة مع مشروع الابتعاث؛ نظراً لضعف المستوى فيصر على السفر للابتعاث لمجرد أنّ أصدقاءه سنحت لهم الفرصة للسفر والنجاح، في حين رفض البعض اعتبار الابتعاث إلى الخارج هو كل شيء في التعليم واقتناء الفرص؛ فوجدوا أنّ من لديه حلمه الخاص الذي يصر على تحقيقه فسيجده أيضاً في جامعاتنا المحلية وربما حقق البعض مالم يحققه المبتعثون خارجاً. زيادة في نسبة المبتعثين للخارج وفي أعلى نسبة ابتعاث تعليمي للخارج، دفع التعليم العالي السعودي، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، ولأول مرة في تاريخه ب166 ألف مبتعث على ثماني دفعات متقطعة، وفي قارات العالم الخمس، منها سبع مراحل سبقت، والثامنة أعلن عنها رسميا ب33 ألف مبتعث، قطعوا حجوزات شبه مؤكدة نحو أقطار العالم المختلفة. الابتعاث وشجونه وهمومه أصبح حديث المجالس والتجمعات السعودية البسيطة والصغيرة والكبيرة، فقلما تجد أسرة إلا ولها ابن أو بنت أو أخ أو قريب يدرس في إحدى دول العالم، ويكمل مسيرته التعليمة الجامعية، وهو الأمر الذي يكشف عن تشكل جيل جديد، وثقافة مختلفة قادمة بوعي مختلف، ورصيد معرفي متنوع تسعى لتحقيق طموحها، وبناء ذاتها، وخدمة وطنها. تطوير الابتعاث قطعت السياسة التعليمة في المملكة خلال العشر سنوات الأخيرة خطوات إيجابية ورائدة، ولافتة ، حيث سعت إلى الاستثمار الحقيقي في العقل البشري، ولا شك أن الدعم اللامحدود لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومن قبله الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- للتعليم آتت أكلها، حيث كان عدد الجامعات قبل أقل من عشر سنوات فقط ثماني جامعات، وأما الآن تضاعف العدد إلى 28 جامعة، بالإضافة إلى عشر جامعات أهلية و32 كلية تعليم عالٍ أهلي مستقلة، وها هي الآن شركات وادي الرياضوجدة والظهران ومكة الذراع الأيمن للجامعات الكبيرة في بلادنا التي تسعى إلى تحويل اقتصاد المملكة من اقتصاد نفطي إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة، وتبني ثقافة الابتكار وريادة الأعمال والاستثمار المتعدد. التحديات وفرص العمل مع كل حسنات هذا المشروع التنموي الكبير، إلا أن هناك تحديات، وعقبات تواجه خريجيه، لعل أبرزها أفكار القلق والخوف التي تحاصر معظم الطلاب المبتعثين المتوجسين من مصيرهم الوظيفي حين العودة من الابتعاث، ومصدر هذا الخوف هو في الحصول على وظيفة مناسبة لتخصصهم، وطموحاتهم، وتضمن لهم مزايا ومردودا ماليا مميزا يعوض لهم فترة السنوات الطويلة التي قضوها في الخارج.. ولكن الصدمة أن ينتظرهم واقع آخر محبط، لأن القطاع الحكومي لا يمكن أن يستوعب هذا العدد الكبير من المبتعثين خلال السنوات الخمس المقبلة، وبالتالي القطاع الخاص قد لا تتوفر لديه الإمكانات الكافية لمنح مرتبات وحوافز مالية مغرية، وهنا يكون الطالب العائد أمام مصير مقلق مجهول. عدد من الأكاديميين والمختصين وجدوا أن الفرص الكبيرة للطلاب المبتعثين قادمة، وإن نقصها التخطيط قبل الابتعاث، حيث يجدون أن الرؤية الجديدة في إيجاد فرص وظيفية للمبتعثين ستبدأ مع وجود المتغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع، ليس في مستوى مناقشته وطرحه وتعاطيه مع قضاياه العامة، بل كذلك في التخطيط لإيجاد مستويات متعددة من العمل في القطاع الحكومي والخاص قد تستوعب تنوعات التخصصات التي سيأتي بها المبتعثون بعد عودتهم، فهل يكون الوقت كفيلا بنزع تلك المخاوف في مصير المبتعثين بعد العودة؟ أم أن ما يثار من ضرورة أن يكون هناك تخطيط مسبق من قبل وزارة التعليم العالي، وكذلك وزارة العمل وبعض الجهات في تحديد التخصصات المطلوبة والفرص المتاحة بما يتناسب مع أعداد الطلاب الكبيرة أمر ملح وبالغ الأهمية. الحوادث لا تعيق الابتعاث الى ذلك أكد الدكتور سالم بن سعيد باعجاجة الاستاذ بجامعة الطائف ان الابتعاث ضرورة لرقي المجتمعات ونموها واضاف الحوادث التي وقعت لعدد من المبتعثين لا تؤثر على اهمية الابتعاث للخارج مقارنة بعدد المبتعثين سنوياً والذين يزيد عددهم على مئتي الف مبتعث من مختلف الجامعات والكليات والجهات الحكومية في المملكة.واشار الدكتور باعجاجة الى ان الحوادث التي حصلت للمبتعثين في عدة دول غربية تعد حالات فردية وساهم الاعلام ووسائله المختلفة في تضخيمها واستدرك الدكتور سالم باعجاجة يقول من الافضل للمبتعث ان يتجنب المواقع والاشخاص المشبوهين وتان لا يختلط بالمجهولين ولا يظهر للغرباء ببحوزته من اموال او اشياء ثمينة وعليه ابلاغ الجهات الامنية واصدقائه عند شعوره بأي خطر وذلك لمساعدته وكشف غموض ما يشعر به.. وطالب الاستاذ بجامعة الطائف بتقنين الابتعاث في التخصصات التي تم الاكتفاء منها والتركيز على التخصصات التي لا يمكن للطالب اكمالها داخل المملكة لافتاً الى ان معظم المبتعثين استفادوا من الابتعاث واستفاد الوطن منهم وكانوا نموذجاً للشباب السعودي المسلم والمعتز بدينه ووطنه. الابتعاث انجاز تاريخي من جانبه لفت الدكتور ابراهيم بن عباس نتو وهو عميد سابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الى ان الابتعاث للخارج من افضل ما قامت به حكومة خادم الحرمين الشريفين ويعتبر مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث انجاز تاريخي للملك عبدالله طيب الله ثراه. واضاف يقول للابتعاث اهمية كبرى ولا يمكن ان تتوقف رحلات الابتعاث للخارج خلال العقود الثلاثة القادمة على اقل تقدير مشيراً الى ان الدول المتقدمة ايضا تقوم بابتعاث ابناءها للدول التي سبقتها او تتميز عنها في مجال علمي او عملي واستغرب الدكتور ابراهيم نتو من المطالبين بوقف الابتعاث للخارج وقال هذه الفئة لا تردك اهمية الابتعاث والاهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها وينظرون للابتعاث من زاوية ضيقة الى ان الحوادث التي وقعت لمبتعثين تعتبر حالات فردية ولا تقارن اذا نظرنا لاجمالي عدد المبتعثين للخارج والنتائج الايجابية والتي ستعود على الوطن والمواطن بعد عودتهم من الابتعاث.