للتحضير "للشاهي" أكتبها بالهاء، وليس بالياء كما يحلو للبعض كتابتها عكس ما ينطقها.. أقول لتحضيره هناك قواعد قد تختلف من بلد الى بلد، بل من مدينة الى مدينة في ذات البلد.. فاخوتنا في شمال افريقيا لهم طقوسهم في تحضير "الشاهي" الذي في الغالب يكون "أخضر"، ويضعون عليه كمية كبيرة من النعناع.. فهناك يتم تجهيزه في اهتمام بالغ.. وفي العراق يهتمون بالشاهي الأسود الذي يحرصون على أن يكون مائلاً الى السواد أكثر عكس الأتراك الذين يجعلونه أحمر قانياً دون اضافة أي نوع من أنواع النعناع. وللشاهي لدينا في المملكة طقوسه، ولكل أهل مدينة طريقتهم في الاهتمام به.. وهناك من يضع معه النعناع، ومنهم لا يود وضعه، ويريده صافي من كل اضافات، وهناك من يحرص على أن يكون خفيفاً جداً، وهناك من يريده ثقيلاً على أن هناك من يرغبه وسطاً. لكن لأهلنا في المدينةالمنورة طقوساً يهتمون بها، وبالذات في شهر رمضان، حيث يوجد ما يسمى "بالنصبة" وهي تختة توضع عليها صينية الشاهي، وبجانبها ذلك – السماور – الكبير.. ومصفوف عليها تلك الأكواب، وهناك نوعين من "البراريد" ما هو من الزجاج الصيني، وهذا في الغالب يعمل به الشاهي الأخضر والحليب.. ومن اللوكندي، وهو للشاهي الأحمر، والذي أعرفه على الأقل في بيتنا كان هناك وقتاً لكل نوع من أنواع النعناع يوضع على الشاهي، مثلاً إذا كان الشاهي أحمراً، وكان الوقت شتاءً توضع مع الشاهي النعناع المديني، وهو الحساوي.. الذي يطلق عليه البعض الآن "الحبك"، وكلمة – الحبك – في المدينة للردي من النعناع المديني الذي يميل الى المرارة في الشاي.. هذا نهاراً أما ليلاً فيوضع على الشاهي حبات من الهيل.. أما إذا كان الوقت صيفاً.. فللشاهي مع النعناع طرقاً.. ففي الصباح يستخدم – الدوش – وفي الضحوية.. يستخدم – التمام – وبعد الظهر يستخدم النعناع المغربي.. وفي العصر فيستخدم الورد.. أما في الليل يستخدم على خفيف.. الحساوي.. أو يخلط الدوش مع الورد. على أن الشاهي الأخضر يعمل في – براد – الزجاج.. مثله مثل الحليب الذي لابد من صنعه داخل براد الزجاج وصبه في "بكرج" مدهون مع وضع حبات الهيل عليه. على كل حال.. هذا عندما كانت سيدة البيت تعتني بالشاهي، لكن بعد ان اختصر في هذه "الأكياس" اللبتون، ويقدم في أكواب، وليس في "فناجيل" صغيرة فقد ذلك الشاهي طعمه.. ورونقه، وأصبح مشروباً لا ذائقة له كما كان في تلك الزمانات عندما كان للشاهي حضوره. أما الشاهي الأخضر بالعودة الى مصادره في المغرب الشقيق فنجد تلك المصادر تقول: ابدع المغاربة في تحضيره وتذوقه، وجعلوا له طقوسا احتفالية، لا تقتصر على المناسبات والأعياد فقط، بل أصبحت جزءا من الحياة اليومية، حيث يحضر طوال النهار، وفي جميع الأوقات سواء في الصباح الباكر، أو حتى في ساعة متأخرة من الليل، على الرغم من أنه منبه قوي. والشاي عند المغاربة قبل ان يكون مشروبا يوميا، هو أيضا وسيلة للترحيب بالضيوف، إذ لا يمكن ان تدخل بيتا سواء كان أهله من الفقراء او الاغنياء، إلا وسارعوا إلى إحضار صينية الشاي، إذ يعتبر من قلة الذوق أن يحل بالبيت ضيف ويذهب إلى حال سبيله من دون ان يتناول كأس شاي. في طريقة إعداد الشاي على الطريقة المغربية، هو جمالية الأدوات المستعملة لتحضيره وتقديمه، فالصينية والبراد (إبريق) مصنوعان من معدن الفضة الخالصة، أو من معدن مشابه له، والخاصية المشتركة بينهما هي اللمعان، كما أن الصينية تكون مزينة بنقوش يدوية، وكذلك الشأن بالنسبة للبراد، الذي يتخذ شكلا فريدا وشامخا، وتعد مدينة فاس المنبع الرئيسي لأدوات الشاي، حيث حافظ الحرفيون على هذه الصناعة التقليدية التي تحمل بصمة أندلسية، تدل على البذخ والفخامة. وترافق الصينية والبراد، أدوات أخرى يطلق عليها الربايع وهي ثلاث علب من نفس المعدن، تكون مخصصة للشاي والسكر والنعناع. على أن نصبت "الشاهي" تظل لها طقوسها بذلك "السموار" الذي يتصدر تلك – النصبة – .والسموار هو أداة لغلي الماء وصنع الشاي، ففي البداية كان الماء يسخن في السموار عبر أنبوب يتم إشعال الحطب فيه، وفيما بعد ظهرت أنواع وأشكال جديدة للسموار، منها ما يعمل بالكيروسين، ومنها الحديثة الكهربائية. والجميع يعلم أن السموار يقوم بتسخين الماء، وجاءت التسمية من الكلمة الروسية "سام فاريت" ما يعني الغلي.