تتجه فكرة الدراسة إلى النظر في القراءات التي تشكلت حول استقبال نص القصة القصيرة جدا في النقد العربي، ولاشك أن اختيار جنس القصة القصيرة جدا جاء منسجما مع تنوع القراءات في مدونتها ومع اختلافها ، حيث نجد في تلقيها أنماطا متنوعة من الاستقبال، ما يتيح لهذا العمل أن يدرس هذه القراءات عبر توظيف منظورات جماليات التلقي التي تتنوع بين تلق تأصيلي يسعى إلى تأصيل هذا الجنس الجديد نسبيا تارة، وتلق استبعادي لا يعترف بالقصة القصيرة جدّا جنسا سرديا قائم الذات تارة ثانية،وبما يتراوح بين هذين الحدين من التلقيات الأخرى التي اعتنت بقضايا متنوعة على صلة بهذا الفن من فنون السرد المعدود فنا إبداعيا جديدا من حيث التصنيف. ورغم جدة المدونة القصصية القصيرة جدا وحداثة انتشارها فإن التلقي النقدي لها واسع ومتباين، ما شكّل مدونة قرائية متنوعة من حيث تناولها المنهجي والمعرفي وجديرة بالدراسة. ويظل هذا الموضوع على صعوبته ذا أهمية بالغة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار هذا الثراء النقدي الذي نشأ حول فن القصة القصيرة جدا من جهة ومحدودية الدراسات التي اعتنت بنقد هذه المدونة النقدية المتشكلة حديثا حول القصة القصيرة . ونظرا لاهتمامي بهذا المنتوج الفني والنقدي في آن فقد تمكنت من جمع مدونة نقدية كبيرة تتنوع بين الكتب والدراسات العلمية المنشورة ، والمقالات المحكمة. و تندرج الدراسة في حقل نقد النقد ، وهي مخصوصة بالدراسات النقدية التي اهتمت بفن القصة القصيرة جدًّا بعد التراكم النسبي المتحقق في الساحة النقدية العربية لهذا الصنف من الدراسات، وبإذن الله تكون الدراسة جديدة ومواكبة لحداثة هذا الجنس الأدبي ولحداثة ما تشكل حوله من قراءات نقدية في آن. وغير خاف أن حداثة هذا الفن الإبداعي جعلت المواقف النقدية تتباين في استقباله تباينا واسعا، مما يجعل جمع هذه القراءات وتصنيفها وتحليلها من منظور نظرية التلقي وبهدف استخلاص الرؤى الفنية والتصورات الجمالية بشأن هذا الجنس السردي الوجيز، خطوة مهمة من خطوات تقويم المنجز النقدي في علاقته بالمنجز الفني-الإبداعي. وستقوم الدراسة على نظرية التلقي باستجابة القارئ للنص وبمشاركته في إعادة إنتاج الخطاب الأدبي بواسطة آليات القراءة و التأويل . وتتيح لي هذه النظرية جملة من المفاهيم المنهجية الإجرائية المناسبة لدراسة هذا الموضوع .فهي ستمكنني من تبين كيف تشكل أفق انتظار قراء القصة القصيرة جدا وبأي الأدوات القرائية ومن منظور أية معاير جمالية ، كما تمكنني من التثبت مما قد يكون طرأ على أفق الانتظار ذاك من تعديلات أو من تحولات وما إذا شكّلت تلك التعديلات الجزئية التراكم المناسب لخرق أفق الانتظار القرائي السائد وتشكيل أفق جديد ، كما تسمح لي هذه النظرية بتتبع المعايير التصنيفية من المنظور الأجناسي والجمالي والنظر في ما إذا كانت تلك المعايير كافية للجزم بتشكل نظرية نقدية خاصة بهذا الجنس السردي المقروء.. ومن أهم القضايا التي ستتناولها الدراسة : - النشأة والتطور - القصة القصيرة جدا جنسا سرديا بين الإثبات والإنكار - القصة القصيرة جدا بين التأصيل والتجريب - التحديات والآفاق - شعرية القصة القصيرة جدا:التجليات والحدود - المؤلفات البيبليوغرافية والأنطولوجيات *** الكتاب سيصدر خلال الفترة القادمة قريباً بمشيئة الله . القاصة / شيمة الشمري