اكد عضو مجلس الشورى ، أستاذ الهندسة بجامعة القصيم الدكتور سلطان بن حسن السلطان أهمية ارتباط خطة التنمية بخطة الإسكان وتطوير التخطيط الإقليمي الشامل للمملكة والميزة النسبية لبعض المناطق من حيث الموارد من زراعية ومعدنية ولا يجب التركيز على منطقة دون منطقة ، مشدداً على ان موضوع السكن هو لب الاستقرار الاجتماعي "ولاحظنا عزوف كثير من شبابنا عن الزواج خوفاً من مشكلة السكن كأحد أهم العوامل المؤثرة وما يتبع ذلك من نتائج اجتماعية". وطالب بإعادة هيكلة تنظيم وزارة الإسكان الخاصة بمهامها وواجباتها ودعم الجانب الإشرافي والرقابي وتحويلها كمنظم ومشرِّع ومشروع لقطاع الإسكان في المملكة على أن يتولى القطاع الخاص(المحلي والدولي) عمليات التنفيذ. جاء ذلك في سياق المحاضرة التي ألقاها في (منتدى العُمري الثقافي) مؤخراً بعنوان (خطة الإسكان في المملكة: المشاكل والحلول) وقدم لها راعي المنتدى الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري ، حيث تناول المحاضر موضوع الإسكان في ستة نقاط وهي : 1- الهيكل التنظيمي الإداري وتقويمه في ضوء (مهام وواجبات وزارة الإسكان) . 2- البيانات والمعلومات السكانية ودور قاعدة البيانات لمتخذ القرار من حيث البيانات والمعلومات الدقيقة. 3- الأراضي - البنية التحتية – النقل. 4-خطة التنمية. 5-صندوق التنمية العقاري باعتباره الذراع التمويلي القديم والفعّال لخطة الإسكان السابقة في المملكة. 6-التمويل وطرق التمويل. وقدر الدكتور السلطان عدد المستحقين للإسكان ب 3.2 مليون مواطن سعودي ونسبة من يستحق منهم 50% وهي قليلة جدا ومنخفضة أي 1.15 مليون مواطن سعودي باحتساب قيمة القرض فقط 500 ألف ريال ، ففي هذه المعادلة تصبح التكلفة : (500000 * 1.15 ) مليون مواطن سعودي = 575 خمسمائة وخمسة وسبعون مليار وهو مبلغ صعب تحقيقه بالإضافة إلي البنية التحتية تمثل 30 % ناهيك عن قيمة الأرض ربما يصل المبلغ إلى 747 مليار ريال والمبلغ الموجود فعلياً في عهدة الوزارة 250 مليار وهي نسبة تمثل 33% من الاحتياج الفعلي، حيث أن الهرم السكاني خلال عشر سنوات المستحقين 6 مليون مواطن آخر ( السعوديون أقل من 30 سنة يمثلون 40 % من السكان وأن التمويل الحالي لوحدة لا يكلف بالطريقة الحالية فهي نقطة في بحر من حجم المشكلة ومع كل الجهود فإنه خلال 3 سنوات لا يوجد مشروع واحد أنجز وسلم، والملك عبد الله حفظه الله عام 2011 أمر بإنشاء وزارة للإسكان امتداداً للهيئة التي سبقتها بثلاث سنوات لمعرفته بحجم المشكلة." وقال:"إنه يجب استحداث طرق أخرى لرفع كفاءة تشغل التمويل الحالية ويجب الوصول إلى موارد مستدامة أخرى لا يمكن توفير هذه المبالغ بشكل دائم مع العلم أن هناك زيادة سنوية في عدد السكان مما يعني أن أرقام المستحقين في زيادة مستمرة لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين ، ومن حيث مشكلة الأراضي فأن الوزارة ربما لا تعاني من وجود مشكلة حيث أن البلديات أعطت الوزارة الأراضي اللازمة ومن حيث البنية التحتية والنقل كمشكلة في عموم مناطق المملكة" ثم ساق مقارنة كيف أن البنية التحية والنقل تحت مظلة وزارة واحدة في دول متعددة منها اليابان. وتطرق الدكتور السلطان إلى مسألة البيانات والمعلومات السكانية ودور قاعدة البيانات لمتخذ القرار من حيث البيانات والمعلومات الدقيقة، مشيراً إلى أنها موجودة في عدة قطاعات حكومية مثل وزارة البلدية ووزارة العدل ولا بد من جمعها والاستفادة من صور الأقمار الصناعية والخرائط الرقمية لجميع مناطق المملكة بتحديث قاعدة بيانات السكان والأماكن، لبناء المدن الذكية. ثم تحدث أستاذ الهندسة بجامعة القصيم عن نظام تطوير الأراضي وإدارة الممتلكات والعقاريين المطورين كشريك استراتيجي ، وقال:"يجب الاستفادة منه من قبل وزارة الإسكان بدلاً من الدخول في خصومة معه ورمي المشكلة عليه، كما تحدث عن صندوق التنمية العقاري ودوره ومن خلال 37 سنة حيث ساهم في إنشاء 700 ألف وحدة في جميع مناطق المملكة بدعمه، وهو جهد مقدر ولكنه بطيء حيث لابد من وجود صيغة تنظيمية تساعد في رفع قدرة الصندوق، مبيناً أن الصندوق يعطي ويأخذ فقط، فلا بد من تحديث وتطوير أنظمة الصندوق لتمكينه من عقد شراكات مع الممولين والمطورين العقاريين لرفع كفاءة عمل الصندوق. وأكد مجدداً على أهمية أن ترتبط خطط التنمية بخطة الإسكان وتطوير التخطيط الإقليمي الشامل للمملكة والميزة النسبية لبعض المناطق من حيث الموارد من زراعية ومعدنية ولا يجب التركيز على منطقة دون منطقة، مشيراً "إلى أن الوزارة بهذه الصورة لا يمكن أن تحقق رؤية خادم الحرمين الشريفين في حل جذري للمشكلة، مع الزيادة المطردة في عدد السكان المستحقين، حيث أن موضوع السكن هو لب الاستقرار الاجتماعي ولاحظنا عزوف كثير من شبابنا عن الزواج خوفاً من مشكلة السكن كأحد أهم العوامل المؤثرة وما يتبع ذلك من نتائج اجتماعية". وطرح المحاضر الدكتور السلطان مجموعة من النقاط والأسئلة أمام الحضور ومنها:هل لدى الوزارة الحالية القدرة على تنفيذ المطلوب من المشاريع؟. هل من الممكن الاستفادة القصوى من جميع الموارد المتاحة لإتمام عملية تنفيذ المشاريع الجبارة لتحقيق رؤية خادم الحرمين؟. هل تفرغ جهاز الإدارة في الوزارة لقيادة هذه المنشأة المهمة يساعدها لإتمام التشريعات والتنظيم وتشخيص الوضع الراهن والمشاكل الحالية في قطاع الإسكان بالمملكة؟. كيف يمكن تخفيض كلفة البنية التحتية للمدن؟. كيف يمكن الاستفادة القصوى من المتاح من البنية التحتية للمدن الحالية؟. كيف يمكن التقليل من التمدد الأفقي للمدن لما فيه من هدر هائل للموارد؟. كيف يمكن تخفيض كلفة الأراضي لمساعدة المواطنين متوسطي الدخل لتمكينهم من امتلاك مساكن. ودعا عضو مجلس الشورى في محاضرته إلى وضع رسوم خدمات حكومية على الأراضي البيضاء الكبيرة داخل النطاق العمراني واستشهد بمدينة الرياض التي يوجد بها حوالي 42 % أراضي بيضاء يمكن استثمارها ، ووجوب الاستفادة من التطور العلمي الهائل في رفع قدرة وكفاءة إنشاء وتشغيل المباني،وتخفيف الهدر في تكاليف الطاقة واستهلاك المياه للمباني الجديدة،و تخفيف كمية الهدر في الموارد مقارنة (أرض وقرض) المقترح ، وتطبيق أنظمة المدن الحضرية المستدامة والمباني الخضراء وذلك بوضع خطة محددة المعالم للبناء والتشييد ضمن شروط مشاريع الوزارة الجديدة، مؤكداً أهمية زيادة قدرة الوزارة في إيجاد حلول مبتكرة لقضية الإسكان لزيادة كفاءة تشغيل المبلغ المعتمد للإسكان (250 مليار ريال) واشتراك القطاع الخاص في حل قضية الإسكان وإيجاد حل عملي دائم لمشكلة تمويل عمليات الإسكان لعدم كفاية المبالغ المرصودة لحل المشكلة للسكان جميعاً. كما طالب بإيجاد آليات إنشاء بنك مخصص يتولى تمويل مشاريع الإسكان والتعمير على أن يدار بطريقة القطاع الخاص مع دعم حكومي لمساعدة غير القادرين على السداد من المواطنين وإنشاء شراكات كبيرة تشرف عليها الوزارة أو احد كياناتها تضم مطورين وممولين ومقاولين للقيام بعمليات البناء في مشاريع الإسكان على أن تضم معها أطرافاً خارجية، وأن تقوم الوزارة بدراسة الأراضي البيضاء لفرض رسوم خدمات حكومية التي تتجاوز مساحتها (10000 آلاف متر مربع ) داخل المدن على أن يخصص الدخل لمشاريع البناء والتعمير، وأن تعمل الوزارة على إيجاد كيان تنظيمي لزيادة كفاءة تشغيل التمويل المعتمد من الدولة للإسكان وذلك بإنشاء:بنك للإسكان والتعمير برأس مال مشترك. بعد انتهاء الدكتور السلطان من المحاضرة بدأت المداخلات حيث أشار مدير المحاضرة الدكتور عبد العزيز بن إبراهيم العُمري بأن قضية الإسكان قضية محورية تهم كل المواطنين وأكثر من مواطن يريد صيغة تمويل لإتمام عملية البناء بنفسه ولا يريد من ينوب عنه في ذلك، فقط يريدون التمويل، كما أشاد بالدور الفعّال لصندوق التنمية العقاري عبر عقود أربعة.كما عاب الدكتور على الإعلام سعيه في إيجاد صراع بين الوزارة والعقاريين كطرف خصم للمواطن وبالعكس فإن الدور تكاملي بين الوزارة والعقاريين لخدمة المواطن. فيما جاءت مداخلة أحد الحضور بعدم تأييده فرض رسوم على الأراضي البيضاء لأن من يتحملها في النهاية المواطن كتكلفة متحركة ومحولة وكذلك على الدولة القيام بواجبها في تهيئة الخدمات بالمخططات بالتنسيق مع العقاريين أصحاب تلك المخططات لتقليل التكلفة على المواطن وكذلك تطرق لمسألة المرافق التي تأخذها البلديات قسراً من العقاريين فلا بد من دفع تكلفتها من قبل البلدية، كما اقترح بان يصدر قانون سيادي من مجلس الوزراء يلزم أصحاب المخططات ببناء ما نسبته 10 % من المخططات بدلاً عن فرض الرسوم. كما أبدى بعض المداخلين خشيتهم بعد سماعهم ضم صندوق التنمية العقاري للوزارة وخوفهم من محو دور الصندوق في مساهمته الموجودة وإبطائها من خلال إشارات وتلميحات من البعض.ودعا آخرون إلى أن تكون الوزارة منظماً لصناديق تمويل إسكانية لكل وزارة وقطاع حكومي وكل شركة كبرى بحيث توجد صناديق تمويل عقارية متعددة على غرار تجربة شركة أرامكو في هذا المجال. ودعا معقبون آخرون إلى الاستفادة من تجربة الدولة في عهد الملك سعود,رحمه الله,حين أنشأ أحياء كاملة عن طريق شركات استثمارية كالملز وغيرها ومولت الموظفين لشرائها بقروض عن طريق وزارة المالية، كما قارن البعض بين الصندوق العقاري ووزارة الإسكان والأشغال العامة سابقاً والفرق في نتائج كل منهما في الحد من مشكلة السكن.وأشار آخرون إلى أن الوزارة ينبغي أن لا تتدخل في البناء المباشر وأن ذلك سيساهم في شل دورها في التمويل وتقنينه وتحفيز القطاع العام والخاص ليسهموا معها في حل المشكلة. وفي مداخلة أخيرة من المهندس محمد بن عبد الله الزميع وكيل وزارة الإسكان للتخطيط والدراسات والمتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان تحفظ على بعض ما طرحه المحاضر من إحصائيات وأفاد بأن عمر الهيئة والوزارة ست سنوات وأن إنجازاتها وأعمالها سيراها المواطن ويلمسها في الوقت القريب.وأشار إلى بوابة الوزارة الخاصة بطلبات الإسكان وما يرتبط بها من أرقام وإحصائيات.وأشار إلى أن نجاح البنك العقاري سابقاً لا يعني استمرار ذلك النجاح لمن لا يملك أرضاً، حيث أن القرض لا يكفى للأرض والبناء ، كما تطرق لجهود الوزارة في مختلف أنحاء المملكة لإيجاد البنية التحتية في الأراضي التي استلمتها الوزارة وتسعى لاستغلالها لمشاريع الإسكان ، وأبدى ترحيبه بالملاحظات التي تصل الوزارة كغيرها من القطاعات الأخرى.