إن لم تكوني امرأة في هذا الكون الكبير.. فماذا تريدين أن تكوني؟ تحبين أن تجذبي كل الفراشات نحو العبير.. تحبين أن تملأي الجو عطرًا ونورًا تحبين أن تسكبي كل الألق الساكن في مقلتيك .. تريدين أن تخرج الكلمات منك ورودًا .. زهورا .. ولا تسأمين يضعك النقاد والباحثون تحت المجهر.. يقيسون حرارة قلبك ودفء المشاعر.. يحللون كل حرف .. كل نقطة تبوحين بها.. خوفًا من انتشار العدوى بين الأخريات.. فأنت تحملين في أوردتك آفة حب وضعف وغيرة.. تنقلينها عبر جيناتك اللاعفوية.. توزعينها بين الأكوان دموعًا وسخطًا وجاذبيةً.. لهذا.. فكل هؤلاء الباحثين اليوم يبحثون.. عن السبل الكفيلة لإيقاف نزيف عواطفك المتدفقة.. يحاولون كبح جماح غريزتك الأنثوية الطاغية.. حتى لا تشعلي بها حربًا جديدة ضد التيار.. يتسللون إلى خلاياك دون إذن منك.. يحصون عدد الشعيرات الذهبية في قمة رأسك.. ويتابعون دخول الهواء إلى رئتيك.. يسترقون السمع كل ليلة .. حتى لا تجندي دموعك ونرجسيتك في سبيل الانتقام.. فأنت لا تعرفين للسلم طريقًا.. ولا تطرقين أبواب السحرة والمشعوذين.. باحثة عن طلسم جديد يفك شفرة العوالم الخفية.. لأن كل تلك العوالم تسكن في داخلك.. تعيش من بقايا ذاتك وعنفوانك.. تقتات في ملكوتك حتى الأعماق.. أنت ساحرة الليالي الألف والليلة الأخيرة.. تقصين حكاياتك المخدرة لكل شهريار على حدة.. وأنت مالكة كل القلوب القابعة حولك.. أنت مدركة لكل الأوجاع والأحقاد التي تغتالها .. ومع ذلك فأنت تضنين عليها بابتسامة حب .. اخترت أن تكوني امرأة السطور والبوار والورق .. فأين تسكنين الآن في أي كتاب..؟ وأين تودعين سرك الكبير .. ؟ وأين خبأت قصاصات الليالي السالفة..؟ إن لم تكوني امرأة من بلسم.. وطلسم ونار.. فأي نجمة ستلبسينها في ليلة التتويج..؟ وأي زهرة ستغرسينها لا.. لا وقت للتفكير.. هذي الليالي قد أصدرت قرارها الأخير.. وصدرت كل الأنين والأسى من صدرها الأسير.. لتعلن انتخاب زهرة القمر.. ووردة النجوم والسماء والضياء.. ولن تكون أي منهما سواك.. لأنك امرأة.