استنكرت المملكة العربية السعودية بشدة بوصفها راعية للمقدسات الإسلامية الاعتداءات المستمرة والأعمال التحريضية في القدس الشريف والمسجد الأقصى وأدانت كل ما من شأنه أن يغير من الهوية التاريخية والدينية والوضع القانوني للأماكن المقدسة في فلسطينالمحتلة. وطالبت سلطات الاحتلال بالوقف الفوري لكل الأعمال التي تؤدي إلى التغيير الديموغرافي بما في ذلك حملة المستوطنات وهدم المنازل الفلسطينية ونزع حقوق إقامة المواطنين الفلسطينيين، وطردهم بشكل إجباري ومخالف للقانون الإنساني الدولي. جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها معالي مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة السفير عبدالله بن يحيى المعلمي أمام مجلس الأمن في المناقشة المفتوحة بشأن الحالة في الشرق الأوسط ، فيما يلي نصها: أود أن أتقدم إليكم أولاً بخالص التهنئة على توليكم مهام رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر متمنيا لكم التوفيق والنجاح كما يسرني أن أهنئ المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة على عضويتها في المجلس مؤكدا دعم بلادي المطلق لكم واستعدادنا لتقديم كل عون ممكن في سبيل إنجاح مهمتكم ، كما أود أن أشكركم على الدعوة إلى عقد هذه المناقشة المفتوحة بشأن الحالة في الشرق الأوسط . وأن أعرب عن تأييد بلادي لكلمات المتحدثين باسم جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز . وأرحب بانطلاق سنة 2014 السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، هذه الخطوة التي تعبر بوضوح عما يمليه الضمير الإنساني والإرادة الدولية من تعاطف وإقرار لاستحقاقات العدل والإنصاف بحق الشعب الفلسطيني، تلك الاستحقاقات التي حرموا منها على مدى أكثر من ستة عقود وأصبحت الآن مطية لمداولات ومفاوضات بينما تستمر " إسرائيل " في القضاء على ما تبقى من آمال نحو تحقيق سلام شامل وعادل ينهي الاحتلال ويستقبل ولادة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967وعاصمتها القدس الشريف. إن الشعوب المحبة للسلام مازالت متمسكة بالأمل أن يترجم التضامن مع الشعب الفلسطيني إلى واقع ملموس يعيشه الفلسطينيون أمناً وحرية وسلاماً محققين بذلك قرارات مجلسكم التي لا تزال - مع الأسف الشديد تستباح من قبل قوى الاحتلال الإسرائيلي دون أدنى خوف من رادع أو عقوبة. هل لنا ونحن نستقبل عامنا هذا أن نتذكر الآمال التي عقدت بقدوم العام الماضي 2013 والجهود التي بذلت لإنعاش دورة المفاوضات وإعادتها إلى الحياة بغرض الوصول إلى حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية..ورغم كل الزخم والجهد والترقب فإن " إسرائيل " لا تزال ماضية في استهتارها بإرادة المجتمع الدولي واستخفافها بكل القرارات الأممية بما فيها تلك التي صدرت عن مجلسكم الموقر وها نحن نرى التوسع في إنشاء المستوطنات المخالفة للقانون الدولي ، وتدهور الحالة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما فيها القدس الشريف ، والاستمرار في العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني وفي فرض الحصار على غزة ، وبينما تطلق قوى الاحتلال سراح بعض الأسرى الفلسطينيين إلا أنها تعتقل المئات في المقابل بما فيهم فتية ممن تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة ، فضلا عما يقوم به المستوطنون من اعتداءات متتالية ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وفي خضم ذلك يتراءى للبعض أن يتهم الضحية ليبرئ الجاني ويخليه من مسؤوليته أو ليساوي بين الضحية والجلاد في تلك المسؤولية ! . إن السياسات التعسفية من قبل قوى الاحتلال أدت إلى حرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه في العيش بحرية وكرامة ومن فرصته في إعادة البناء وأن أي محاولة لتحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية ما ينتج عن ذلك من زيادة حالة التوتر وإيجاد حجج واهية للاستمرار في سياسة الحصار والتمهيد للمزيد من الاعتداءات أمر غير مقبول وينبغي ألا ينساق أحد خلف هذا التلاعب بالحقيقة . الاحتلال هو جوهر القضية ومحورها الأساسي وبانجلائه تتحقق العدالة ويستقر السلام وينعم الجميع بالأمن والاستقرار. إن المملكة العربية السعودية تؤكد على ما ورد عن الجامعة العربية في قرارها رقم 7719 بتاريخ 21 / 12 / 2013 الذي تضمن التأكيد على التمسك بمبادرة السلام العربية ، وتحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية إعاقة تحقيق السلام ، ومطالبة الولاياتالمتحدة بصفتها راعية مفاوضات السلام الجارية وبقية الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بإلزام الحكومة الإسرائيلية وقف الأنشطة الاستيطانية ورفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة. كما يؤكد وفد بلادي أن تحقيق التسوية النهائية لقضايا الوضع الدائم كافة بما فيها القدس ، والحدود ، واللاجئين ، والأمن ، والمياه يجب أن يكون منسجماً ومتسقاً مع قرارات الأممالمتحدة ذات العلاقة وغير منافٍ لما يكفله القانون الدولي من حقوق فنحن لا نقبل بسيادة منقوصة على أي جزء من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما في ذلك في منطقة غور الأردن ، وكذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان العربي السوري المحتل ومزارع شبعا وبقية الأراضي اللبنانية المحتلة ، فإن أي اتفاق لا يكون شاملاً ومبنياً على أسس العدالة والإنصاف فإنه يعرض عملية المفاوضات إلى الإخفاق والدخول في دائرة مفرغة. لقد سمعنا دوماً أن القرارات الحاسمة التي تتطلبها عملية السلام تحتم قدراً كبيراً من الشجاعة من قبل القادة وصانعي القرار ، ونحن نذكر هنا أن ذلك لا ينطبق فقط على طرف دون آخر وهو أيضا ينطبق على الراعي لعملية السلام ، فلا يجوز أبداً أن يسمح المجتمع الدولي بتقويض قرارات مجلسكم وممارسة الاستقواء للوصول إلى نتائج واهية يمليها الشأن الداخلي والمصالح قصيرة النظر وتنهزم فيها الإرادة الدولية وما يمليه الضمير الإنساني ، إن وفد بلادي يدعو إلى القيادة الشجاعة التي تدعو لنيل الحقوق وعدم التحايل على القانون والشرعية الدولية لأنه فقط عندما يتحقق العدل والإنصاف يتحقق السلم والأمن.