هناك عالم من المشاعر التي تختزن في النفس فتعطيها توهجها الصاخب لما حولها فتزهر كل المعالم. فتعكس ذلك قصائد من اثر – البوح – فتأخذ بتلافيف القلوب فينسكب ذلك عطراً يفوح في أرجاء النفس هياماً.. ونشوة.هكذا يأتينا ذلك الشاعر المليء بمفرداته الغارقة في التراث فيأخذك من ملمح حديث الى معنى عريق من التراث في خلط عجيب وانعكاس ماهر لتلك اللغوة الإخوانية التي صاغها الشاعر لصديقه محمد رضا نصرالله بمناسبة زواج ابنه فراس لنقرأ ماذا قال الشاعر؟ شعر: جاسم الصحيح بِاسْمِ الإخاءِ وأنتَ جَنَّةَ عَدْنِهِ أُهديكَ من سلوى الكلامِ ومَنِّهِ نَبَتَ الربيعُ (أبا فراسٍ) بيننا وتفتَّحتْ في القلبِ وردةُ حُسْنِهِ بيني وبينكَ من خَضَارِ مَوَدَّةٍ ما كانَ بينَ (أبي نُوَاسَ) ودَنِّهِ بيني وبينكَ ما تُخَبِّئُهُ (الحَسَا) لل(خَطِّ) من أغلى الهوى وأَحَنِّهِ ما هَبَّ من (هَجَرٍ) نسيمٌ حالمٌ إلا تَقَلَّبَتِ (القطيفُ) بحِضْنِهِ روحانِ آمنَتَا بسرِّ هواهما.. لن يقلبَ الإيمانُ ظهرَ مِجَنِّهِ! روحانِ تبتكرانِ من معنى الهوى قمرًا غريقاً في بُحيرةِ لَوْنِهِ فكأنَّنا في الحبِّ بيتٌ واحدٌ لا يستعيضُ جدارُهُ عن رُكْنِهِ وكأنَّنا في الحبِّ نصٌّ خالدٌ جَمَعَ الرُّواةَ على حقيقةِ مَتْنِهِ نحن المحبُّون الذين يهزُّنا وَجْدٌ فيَصْرَعُنا الهزارُ بلَحْنِهِ والحُبُّ خاطرةُ الوجودِ تَأَلَّقَتْ قِدْمًا بأجملِ فكرةٍ في ذِهْنِهِ الحُبُّ يولدُ مثل شمسٍ حُرُّةٍ تنسلُّ من كُمِّ الصباحِ ورِدْنِهِ الحُبُّ سِرُّ اللهِ لا نرقَى لهُ إلا بأُنثى من صناعةِ فَنِّهِ يا صاحبي.. والكونُ دون نسائِهِ مثلُ اليتيمِ مُمَرَّغاً في حُزْنِهِ فاقذفْ باِبْنِكَ للنساءِ ضَحِيَّةً مقدارَ ما ضَحَّى (الخليلُ) باِبْنِهِ! أَتُرَى لَوَ آنَّ الكونَ دون أنوثةٍ هل يستطيبُ اللهُ رؤيةَ كونِهِ؟ يا صاحباً وافاهُ بلبلُ فرحتي غَرِدًا، وحَطَّ على مدارجِ غُصْنِهِ الشوقُ ناداني بصوتِكَ وانثنَى يحنو على قلبي بضحكةِ سِنِّهِ فخرجتُ من ذاتي إليكَ مُجَرَّداً كخروجِ (يوسفَ) من غياهبِ سِجْنِهِ هيمان أُمْسِكُ وردتي من عطرِها وأشدُّ فنجانَ الهوى من أُذْنِهِ أُهدي إلى بَلَدِ اللآلئِ لؤلؤًا وأخطُّ مصداقَ البياضِ بلَوْنِهِ أُهدي إلى البَحَّارِ بعضَ أضالعي كي ما يشدَّ سفينةً من سُفْنِهِ يا صاحبي.. وأنا الذي لا أدَّعي أنِّي نزلتُ من الزواجِ بحِصْنِهِ قُلْ للعريسِ إذا تَوَهَّجَ بالهوى مثلُ الرغيفِ، وذاقَ نشوةَ فُرنِهِ قُلْ للعريسِ قُبَيلَ دغدغةِ الكرَى وتمامِ دائرةِ النعاسِ بجَفْنِهِ: خُذْ سنبلَ العهدِ الجديدِ.. خُذِ الرحى واشددْ حزامَكَ كي تقومَ بطَحْنِهِ مَنْ باتَ يُحسنُ ظنَّهُ بزَوَاجِهِ فلقد تورَّط في محاسنِ ظنِّهِ سِيَّانِ أَسْكَنَكَ الزواجُ ببَيْتِهِ عَبْدًا، وأسكنَكَ الدجاجُ بقِنِّهِ! ما دمتَ تمشي في طريقِكَ عازباً فلقد مشيتَ على استقامةِ وزنِهِ وإذا سقطتَ على الطريق بحُفْرَةٍ فلقد سقطتَ على الزواجِ بعَيْنِهِ