يعيش الشباب العربي في مجتمع متنوع الثقافات واللهجات والمستويات المعيشية والموارد الطبيعية والانتماءات العرقية والقبلية وغيرها، غير أن هذه الاختلافات تتميز في المجتمع العربي بنوع من التعقد والتشابك والتداخل. ويخلق هذا التشابك سالف الذكر نوعاً من السلبية على المجتمع الشبابي العربي، من خلال وجود إعلام هدام ومقلد للثقافة الغربية، بحيث يمرر مجموعة من السلوكيات والقيم البعيدة عن الدين والقيم الأخلاقية التي تهدّد الهوية العربية والإسلامية للشباب دون مراعاة القيم والفوارق والاختلافات الدينية والحضارية بين المجتمع العربي والغربي. لذلك عقدت مؤخراً جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ندوة بعنوان: «علم النفس وتحصين الشباب في عصر العولمة»، تحت رعاية وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري. وأوضح مدير الجامعة الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل أن الندوة تناولت سبعة محاور، حول التأهيل العلمي والوظيفي، وعلم نفس العولمة، والهوية والمسؤولية الوطنية، والصحة النفسية في عصر العولمة، والمسؤولية الاجتماعية في عصر العولمة، ووسائل اتصال العولمة (الإيجابيات والمحاذير)، وأخيراً استشراف المستقبل. من جانبه، أوضح وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي رئيس اللجنة التحضيرية للندوة، الدكتور عبد الله بن حمد الخلف أن اللجنة العلمية تلقت 75 طلباً للمشاركة، وتم قبول 45 بحثاً وورقة عمل تقدم في جلسات الندوة الخمس في قاعتين بشكل متزامن، إضافة إلى ندوة حوارية. واستعرضت شرطة دبي نتائج دراسة ميدانية حول "اتجاهات الشباب نحو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي" خلال مشاركتها في الندوة، وشدد العقيد الدكتور جاسم خليل مدير إدارة التوعية الأمنية، ومعد الدراسة، على أن التطورات التكنولوجية الحديثة أحدثت في منتصف التسعينات من القرن الماضي ثورة ونقلة نوعية في عالم الاتصال ومهدت الطريق لكافة المجتمعات للتقارب والتعارف وتبادل الآراء والأفكار من خلال شتى أنواع الوسائط المتعددة كالمواقع الإلكترونية والمدونات الشخصية وشبكات المحادثة التي غيرت مضمون وشكل الإعلام الحديث وخلقت نوعاً من التواصل بين أصحابها ومستخدميها من جهة وبين المستخدمين أنفسهم من جهة أخرى. وقدمت كل من د. أسماء العطية، والدكتورة مريم البوفلاسة، من جامعة قطر دراسة علمية حول البناء النفسي للهوية وتحديات العولمة، مشيرين فيها إلى أنه لم يعد ممكناً اليوم أن تبني المجتمعات المعاصرة هويتها بالطريقة التي اعتادت عليها منذ قرون طويلة، فإذا كانت الهوية وعياً بالذات وإنتاجاً دائماً ومتجدداً للآليات التي تتفاعل مع الواقع ومتطلبات المستقبل، يكون من الطبيعي الانتباه للعولمة والبحث في تحدياتها وتأثيرها على هوية أفراد المجتمعات. وأشارت الدراسة إلى أن الهوية لأي شعب هي حصيلة الفكر واللغة والتاريخ والفنون والآداب والتراث والقيم والعادات، كما أنها القدر الثابت والجوهري المشترك من السمات العامة التي تميز حضارة أمة عن غيرها، وهي أيضاً الكل المتجانس من الذكريات والتصورات والقيم والرموز. كما شاركت أيضاً د. العنود آل ثاني أستاذ مشارك بقسم العلوم النفسية- كلية التربية جامعة قطر، بورقة عمل «علم النفس وتحصين الشباب في عصر العولمة»، وهدفت ورقة البحث إلى إلقاء الضوء على نموذج العمل التطوعي لطلبة جامعة قطر، موضحةً التصور النظري والتطبيقي للنموذج. وأكدت وكيلة قسم علم النفس بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتورة سوسن بنت عبد الكريم المؤمن، أن ظاهرة الانفتاح العالمي جعلت من العالم قرية صغيرة؛ بل أصغر من ذلك بكثير من خلال الفضائيات والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ك تويتر، فيس بوك، تمبرلر، الواتس آب، الانستجرام، اليوتيوب، الكيك، والآبر وغيرها، مما وضع على عاتق بعض الأقسام العلمية (ومنها قسم علم النفس) مسؤولية كبيرة من خلال دراسة تلك الظواهر ودراسة مخرجاتها، بالإضافة إلى حصر الإيجابيات والتأكيد عليها، وحصر السلبيات مع وضع خطط وحلول لمعالجتها أو للبعد عنها، ومن ثم تقديم تلك التوصيات للمهتمين من ذوي الاختصاص والآباء والتربويين.