من الأمور الثابتة أن الاستغلال الكفء لأوقات الفراغ يسهم في تنمية شخصية متكاملة، فتلك الشخصية هي التي تتعدد اهتماماتها وقدراتها وتعرف كيف توازن بين متطلبات العمل والحاجة إلى الترويح، كما تستفيد من أوقات فراغها بما يعود عليها بالنفع من النواحي الجسمية والعقلية، والنفسية، والتعبيرية والجمالية. لذلك وقّع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير ورئيس مجلس شباب المنطقة عدداً من اتفاقيات الشراكة مع جامعة الملك خالد بوجود رئيسها الدكتور عبد الرحمن الداوود والتي تستهدف شباب المنطقة في عددٍ من المجالات. وقد أكد أمير منطقة عسير على أهمية الاستثمار في الطاقات البشرية الشابة لما لها من فاعلية كبيرة في تعزيز قوة أي بلد على مستوى العالم، مبيّناً أن شباب المملكة قوة بشرية واعدة ستنهض ببلدها نحو العالم المتقدم، وأن هذه الاتفاقيات ستساهم في زيادة فاعلية الشباب في تنمية وطنهم وإكسابهم المهارات اللازمة وتقديم خدمات مثلى وتهيئة الجو المناسب لبيئة إبداعية كي يكونوا على مستوى عال في تعلم فنون القيادة والإدارة. وتضمنت الاتفاقية عدداً من البنود التي تصب في مصلحة الشباب ومنها تنظيم وتقديم ورش عمل وأنشطة مشتركة، تتناول القضايا التي تهم شباب منطقة عسير، كما ستوفر الجامعة عن طريق الكليات والأقسام العلمية ومراكز الأبحاث وبيوت الخبرة المتواجدة بها استشارات علمية وفنية لمجلس المنطقة، أما ما يخص الشباب في مجال ريادة الأعمال فسيتم منح الشباب العاطلين عن العمل قرضاً بمبلغ 300 ألف ريال عن طريق بنك التسليف دون فوائد ربحية ومنحه راتب 3000 ريال شهرياً. وتشير الإحصائيات الحديثة إلى أن فئة الشباب في المملكة تمتلك قدراً لا يستهان به من وقت الفراغ، سواء في أيام الدراسة أو أيام العطل الأسبوعية، ف60% من الشباب والفتيات يمتلكون وقت فراغ يزيد على (3) ساعات يومياً، وترتفع في أيام العطلة لتصل إلى 6 ساعات يومياً. وأكدت الدراسات على أن الأصل ألا يكون عند الإنسان وقت فراغ؛ لأن الإنسان الجاد المنتج عندما يفرغ من عمل فإنّه سينشغل بعمل آخر، ربّما أقلّ أهمّية وربّما أكثر، ولا يعني ذلك أن تكون أوقات الشاب كلها جد وعمل، ولا يوجد فيها ترويح، فإن النفس تمل وتكل وتسأم، فلا بد لها من تسليه وراحة، وعندما يشغل الشاب وقته بشيء من اللعب المباح فإن هذا الفعل لا يعتبر إضاعة للوقت ما دام أنه يعود على النفس والبدن بالفائدة، وما دام أنه لم يخرج عن القدر المؤدي إلى ذلك. كما أجرى قسم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة الملك سعود منذ عدة سنوات بحثاً عن كيفية قضاء أوقات الفراغ عند الشباب، وقد أشار ذلك البحث إلى أن الشباب يوزعون وقت فراغهم بين نشاطات مختلفة وهي على الترتيب: مشاهدة التلفزيون، النوم، الاهتمام بشئون المنزل، القراءة، وحفظ القرآن الكريم، الاسترخاء، أما خارج المنزل فقد احتلت كرة القدم مركز الصدارة، ثم مساعدة أولياء الأمور في أعمالهم التجارية، وهناك من يفضلون اللعب مع الأصدقاء أو التسوق أو الذهاب للنادي أو الذهاب للأماكن الترفيهية. ومن هنا لا يجوز اعتبار وقت الفراغ في هذا العصر، مسألة ثانوية يمكن التقليل من أهميتها وقيمتها بالنسبة للإنسان والمجتمع، فقد قال سقراط : (إن وقت الفراغ لهو أثمن ما نملك)، ولا يمكن أيضاً تصور الحياة عملاً متواصلاً؛ لأن ذلك يؤدي بعد فترة إلى الشعور بالتعب والملل، لذا ؛ يعد تحقيق التوازن بين وقت العمل ووقت الفراغ، أمراً أساسياً للإنسان، فالترفيه الثقافي والروحي والجسدي، ضرورة حيوية تمهّد لحركة العمل والإبداع. وتجدر الإشارة إلى أن سمو أمير منطقة عسير وقّع أيضاً مؤخراً اتفاقية مع جمعية الثقافة والفنون بأبها والتي اشتملت على عددٍ من البنود لتأهيل شباب المنطقة وتنمية مهاراتهم في البرامج الهادفة في عدة مجالات.