يعاني غالبية الشباب من مشكلة الفراغ، خصوصا مع حلول الإجازات التي ستبدأ بعد أيام قليلة؛ ما يسبب لهم الكثير من الحيرة والاضطراب. ونجد أن فئة الشباب في السعودية تمتلك قدرا لا يستهان به من وقت الفراغ، سواء في أيام الدراسة أو يومَي العطلة الأسبوعية (الخميس والجمعة)، فقد أوضحت بعض الدراسات التي اطلعت عليها أن 60 في المئة من أفراد العينة يمتلكون وقت فراغ يزيد على ثلاث ساعات يوميا، أما يوما عطلة نهاية الأسبوع (الخميس والجمعة) فترتفع ساعات الفراغ لدى الشباب لتصل إلى ست ساعات يوميا. وإذا كانت هذه النسب هي أوقات الفراغ لدى الشباب في أيام الدراسة، فلا شك أن هذا القدر يرتفع جدا خلال أيام العطلات الرسمية والإجازات. وعندما نلقي نظرة سريعة على ما يفعله الشباب في تلك الأوقات لوجدنا العجب في إضاعتها في غير ما ينفع، بل ربما فيما يعود عليهم بالضرر. فمن قراءة للمجلات والصحف الهابطة إلى ملاحقة القنوات ببرامجها الهدامة، أو الحرص على المكالمات التليفونية الطويلة، فضلا عن التسكع في الشوارع والأسواق والجلوس في المطاعم والمنتزهات والدوران بالسيارات ليل نهار بحجة القضاء على الوقت، وكلها طرق خاطئة وأساليب ضارة. إن الأصل ألا يكون عند الإنسان وقت اسمه فراغ؛ لأن الإنسان الجاد المنتج عندما يفرغ من عمل فإنه سينشغل بعمل آخر، ربما أقل أهمية وربما أكثر، فلا وقت فراغ عند الإنسان، ولا يعني ذلك أن تكون أوقات الشاب كلها جدا وعملا، ولا يوجد فيها ترويح، فإن النفس تمل وتكل وتسأم، فلا بد لها من ترويح، وعندما يشغل الشاب وقته بشيء من اللعب المباح أو الترويح المعتدل فإن هذا الفعل لا يعتبر إضاعة للوقت ما دام أنه يعود على النفس والبدن بالفائدة، وما دام أنه لم يخرج عن القدر المؤدي إلى ذلك، لكن الواقع خلاف ذلك. إن مشكلة الفراغ تكمن في عدم استطاعة كثير من الشباب التفكير الجاد في قضاء أوقاتهم في شيء ينفعهم أو ينفع مجتمعاتهم. وقد غفل الكثير عن أنه كان يمكن استغلال الوقت الذي بعثر في غير ما فائدة في طلب علم نافع أو تعلم مهارة جديدة، أو جعله فرصة لتصحيح مفاهيم خاطئة، أو انتهازه لنفع عباد الله أو توطيد علاقات حميمة، أو صلة قرابات وأرحام.