تطالعنا العديد من نصوص الشعراء و بعض الشاعرات بزخم من المشاعر التي تملأ أركان الذائقة مما يدفعنا لتعقب تلك الاسماء لنجد ما لم يكن في الحسبان فذلك الشاعر العذب وتلك الشاعرة الحساسة وأمثالها يتنقلون من واد الى واد آخر يجوبون فيافي العشق وانهار الحب ليجسدوا معاناتهم تارة من اهل الصحراء وسكان الجبال وأخرى من السهول للتعبير عن كينونة المكان مثل: (انا بدوي وهي من اهل المدينة) وبهذا نجزم انهم في كل واد يهيمون. ومع هذا النوع من الشعر لا بد ان تكون لنا وقفة تؤكد بأنه لا يحمل من الشعر إلا وزنه وقافيته وهل كان الشعر إلا صدق مشاعر وشعور , ما اقبح تلك القلوب الهائمة في مراتع العشق الكاذب حتى بات القلب كفندق يكثر زواره ما بين ذاهب وآتٍ تدوسه الأقدام وتلطخ جدرانه الأدران وتتلاقفه الأحاسيس الكاذبة التي احالت تلك الارواح الى مراتع مظلمة للمتعة والتسلية وقضاء الوقت . أليس الشعر شعورا خالج النفس واججها وتوشحته صدقا وأصبحت كبحر متلاطم من الأحاسيس الرقيقة الراقية والقائم على مبدأ الحب الذي لا يخضع لمتغيرات الأشكال والأقوال فلا تغيره نظرة جديدة ولا تزعزعه كلمة حب كاذبة عابرة حب نقي باقٍ أبد الزمان . على سبيل المثال قول الأمير سعود بن بندر يرحمه الله لوالدته : يا ليتني بينك وبين المضرة من غزت الشوكة الى سكرت الموت عند قراءة هذا البيت لن يخالج نفسك إطلاقا شك في نقائه وصدقه وذلك لأنه موجه لامرأة يستحيل أن تزيف له المشاعر ولأن الذائقة عند قراءته تقف متنفسة إحساسه بعمق . ومن روائع الشعر ايضا ما قاله علي ابن الجهم متغزلا : عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري ألم يستوطن الشعور هذا الجمال معنى واحساسا ومن الروائع أيضا التي نحسبها لاتخلو من نقاء الشعور قول سليمان المانع : وجع حب ووجع شعر ووجع شوق ووجع ضيقه على كيفك وهاك أختار هذي سلة اوجاعي ومن الجميل ايضا قول فهد المساعد : يمكن انا اكون اعز الناس في عيونك بس انت والله كل الناس في عيني كل هولاء كتبوا الإحساس بأدق وأرق وأنقى عبارة ولا نستطع أن نجزم بالنقاء المطلق الا على الاستشهاد الأول وهو بيت الامير الشاعر : سعود بن بندر رحمه الله . ومضة : ماصحة مقولة : أعذب الشعر أكذبه ؟.