لا يتعلق الأمر فقط بأسلوب التربية أو الحالة النفسية، فكثيراً ما يعاني المراهق في هذه المرحلة العمرية تكرار شكوى الأهل من تهوره وعناده وإثارته للمشكلات، وهنا يغلب عليه الشعور بالضيق والذعر والذنب أحياناً من الاتصاف بكل هذه السمات السيئة. وهناك اعتقاد راسخ لدى الجنسين أن مجرد الاتصاف بهذه الصفات في مجملها، دليل ومؤشر واضح على وجود عيوب في الشخصية لن يمكنه من النجاح في الحياة فيما بعد, مما يفسر شعور البنات والشباب في فترة المراهقة بالحزن والاكتئاب من أي تعليق أو انتقاد يوجه إلى سلوكياتهم أو شخصياتهم، إلا أن هذا الوضع يتغير بمرور الوقت، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة إعداد النفس لتقبل نقد الأهل، وهذا ما كشفت عنه بعض الحقائق العلمية عن أسباب تهور وعناد الشباب في فترة المراهقة، والتي نوردها بشئ من التفصيل: - في البداية لابد أن يستقر في ذهن الشباب مسلّمة هامة مفادها، أن الميل إلى التهور والعناد لا يحدث بصورة متعمدة حتى يشعر بالذنب، فهناك حقيقة طبية أثبتتها بعض الدراسات النفسية أن مخ المراهق يختلف عن مخ الكبار والأطفال، ففي فترة المراهقة يكون لدى المراهقين قدرة أكبر على التعلم والتقاط المعلومات بسرعة، بالإضافة إلى وجود قدرة أكبر على التفكير في اتخاذ القرارات، نتيجة حدوث نضج تدريجي في نمو أجزاء المخ المختلفة، المشكلة أن هذا النضج يبدأ في الأجزاء الخلفية أولاً، ثم يتجه تدريجياً نحو الأجزاء الأمامية من المخ، ويكون الفص الأمامي هو آخر الأجزاء التي يصيبها التطور والنضوج عندما يبلغ الإنسان سن الرشد، وهو المنطقة المنوط بها الحكم على الأمور وتقديرها وتكوين رؤية محددة في المواقف المختلفة، وهنا يكمن تفسير كل التصرفات الغريبة التي يقدم عليها المراهقون، وبما يوضح أيضاً قدرة المراهق على أن يكون شخصاًً لمّاحاً سريع البديهة، لكن قد يفتقر إلى القدرة على وضع الأمور في نصابها الصحيح. - من المعروف كذلك أن هناك العديد من التغيرات الفسيولوجية والنفسية التي تطرأ على الشخصية في فترة المراهقة منها، الرغبة في جذب الانتباه خاصةً الجنس الآخر، وقد يحدث هذا بصور مختلفة، فنلاحظ مثلاً رغبة المراهقة في ارتداء ملابس غريبة أو قيام المراهق بعمل تصفيفة شعر غير مألوفة، وقد يذهب البعض إلى القيام بتصرفات متهورة مثل قيادة السيارات بأقصى سرعة, وهو ما يشعرون معه بالإثارة والمتعة، ولذلك يرفضون مجرد التعليق على مثل هذه السلوكيات أو فكرة التغيير، بل ويعتبرون أن كل ما يقدمون عليه يندرج في إطار الحرية الشخصية من وجهة نظرهم .