يميل المراهقون عادةً إلى القيام بالأعمال الخطيرة والغريبة، ويعد هذا السلوك من المظاهر الطبيعية للمراهقة، فهو لا يقصد حينما يقرر المجازفة استفزاز أهله، بل هو يبحث عن التجارب التي تمنحه شعوراً يحرره من قمقم الوالدين، ويثبت لهما أنه صار مستعداً لمواجهة العالم وحده بعيداً عن سيطرتهما. ولكن في بعض الحالات يعكس هذا التصرّف، خاصة إذا استمر فترة طويلة، ألماً حقيقياً يشعر به المراهق، وقد يكون السبب وراء قيامه بالأعمال الخطيرة هو أنه يريد أن يكون مثل باقي "الشلّة" المجموعة، فمن المعروف أن شلة الأصدقاء تشكّل بالنسبة إلى المراهق نافذة إلى العالم الخارجي، ومن خلالها يندمج مع نماذج جديدة خارج الوسط العائلي. ويجمع الآباء والأمهات على أن أبناءهم تطرأ عليهم الكثير من التغييرات الفكرية والعقلية في مرحلة المراهقة ويغلب على معظمهم الميل إلى التصرفات الغريبة والخطيرة، إلا أنه لا يجب تحويل كل ما يقوم به المراهق إلى تراجيديا، فكل ما يريدونه من وراء تلك التصرفات هو الإحساس بالإثارة والمتعة وأحيانا أخرى لفت انتباه الكبار. إن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الوالدين عن كيفية تفكير المراهقين سرعان ما يتلاشى بمجرد تذكرهم كيف كانت تلك الفترة في حياتهم وكيف كانوا يعشقون التصرفات الغريبة والسخيفة أحيانا والخطيرة في أحيان أخرى، فالكثير ممن حصلوا على رخصة قيادة يميلون إلى اقتناء دراجة بخارية يدخلون بها مع أصدقائهم في سباقات وينطلقون بها أو يقومون بحركات قد تصل إلى حد الانقلاب بالدراجة البخارية في الهواء بضع مرات أو القيادة دون استخدام اليدين، وهو الأمر الذي يعرضهم للحوادث الخطيرة. أما المتأمل في تلك التصرفات يجد أن بعضها يؤكد امتلاكهم لشجاعة غير اعتيادية، بالإضافة إلى أن إقدامهم على بعض الأمور الخطيرة والمتهورة التي تعرّض حياتهم للخطر دليل على عدم إدراكهم لنتائج تصرفاتهم ولقيمة الحياة أيضاً، وإشارة إلى عدم تحملهم للمسؤولية تجاه أهلهم والحزن الذي قد يصيبهم إذا ما حدث لهم مكروه. ويفسر علماء النفس ذلك بأن مخ المراهق يختلف عن نظيره الموجود لدى الكبار أو حتى عند الأطفال، فهم يملكون القدرة على التعلم والتقاط المعلومات الجديدة بسرعة كما الأطفال مع وجود قدرة أكبر على التفكير واتخاذ القرارات نتيجة حدوث نضج تدريجي في أجزاء المخ المختلفة، إلا أن هذا النضج يبدأ في الأجزاء الخلفية للمخ ويتجه تدريجياً نحو الأجزاء الأمامية منه، فيكون الفص الأمامي من المخ هو آخر الأجزاء التي يصيبها التطور والنضوج عندما يبلغ الإنسان سن الرشد. وبهذا يكون المراهق شخصاً ذكياً سريع البديهة، لديه القدرة على التعلم بسرعة مهما كان حجم ما عليه دراسته، لكنه للأسف يفتقر إلى القدرة على حسن التصرف أو الحكم بشكل صحيح على المواقف والأمور، واستيعاب نتائجها، فيقوم بالتصرف في معظم الأحيان بتهور واندفاع مهما كان حجم الخطر الذي سيواجهه.