يشهد الأسمنت الذي يصنع في إحدى المنشآت الصناعية الرائدة التابعة لمعهد "كي أي تي" الألماني للتقنية في مدينة كارلسروه إقبالاً غير مسبوق في تاريخ البشرية حتى الآن من قبل المطورين العقاريين بسبب تعدد طرق استخدامه ولأنه يعد الأسمنت الأول من نوعه كصديق للبيئة، وهو لا ينتج في فرن درجة حرارته 1450 درجة مثل الأسمنت التقليدي ولكن من خلال طريقة جديدة لا تزيد درجة الحرارة فيها عن 200 درجة. ويصنع الأسمنت الذي صنعه الألماني بيتر شتيمرمان وأسماه "سيليتمنت" بكميات جير أقل كما أن انخفاض درجة حرارة الأفران وعدم استخدام الجير في إنتاج الاسمنت يؤدي إلى خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المتسبب بظاهرة الاحتباس الحراري بنحو 50 بالمائة. ويعد سيليتمنت أكثر كثافة وأكثر قدرة على التحمل عن الأسمنت التقليدي مما يجعله مناسباً للتطبيقات الخاصة مثل مواسير الصرف الصحي، بالإضافة إلى أنه يجف بشكل أسرع مما يجعله ذا أهمية خاصة في مجال الترميم. من المقرر أن ينتهي العمل من إنشاء أول مصنع صغير ل "سيليتمنت" مع بداية العام 2014 لإنتاج هذا الأسمنت بشكل تجاري بالتعاون مع إحدى الشركات وبطاقة إنتاجية 50 ألف طن في السنة. وإذا تمت المقارنة فإن المصانع التقليدية للأسمنت تنتج1.5 مليون طن سنوياً وبسبب هذه الكميات الصغيرة فسيكون سعر الأسمنت في البداية مرتفعا رغم انخفاض تكاليف الطاقة والمواد الخام. وعلى العكس من الأسمنت التقليدي فإن أسمنت "سيليتمنت" أقل قلوية مما يجعله يفتح آفاقا جديدة أمام مخترعه شتيمرمان، فألياف النسيج مثلا لها نفس خواص الفولاذ، ولكنها تتآكل بفعل الخرسانة القلوية، أي أنه من الممكن تطوير بدائل للخرسانة الحديدية باستخدام أسمنت سيليتمنت. وتكمن قوة هذا الأسمنت الرئيسية في تجارة غاز ثاني أكسيد الكربون حيث تدفع الشركات المعنية حاليا من 5 إلى 7 يورو عن كل طن إضافي تتسبب في انبعاثه بعد استنفادها حصتها المسموح بها من غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري، وهذا ليس سعرا يزعج الشركات التي تشتري حصصا إضافية لها، ولكن إذا ارتفع السعر إلى 30 و40 يورو للطن، فإن ذلك سيتطلب رد فعل مناسبا من قبل مصانع الأسمنت. ويعد هذا الأسمنت الأول من نوعه تماماً منذ اختراع الأسمنت قبل نحو 150 سنة، وحسب رئيس معهد فايمار لعلوم مواد البناء في مدينة فايمار أن الأسمنت والخرسانة لم يحظيا بالبحث الكافي من قبل رغم أن الأسمنت أصبح من أكثر المواد استخداماً في العالم بعد الماء ولم تتعرض الخرسانة للانتقاد إلا مع بدء الحديث بقوة عن التغير المناخي وتداعياته وذلك في ضوء حقيقة أن الإنتاج العالمي للأسمنت مسؤول عن 5% من غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يعتبر أهم الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، وهي ضعف النسبة التي يتسبب بها الطيران الدولي، وتشير بعض التقديرات إلى أن هذه الكمية ستتضاعف تقريباً إلى 4.2 مليار بحلول عام 2050 لتصبح صناعة الأسمنت مسؤولة عن 10% من الاحتباس الحراري؛ الأمر الذي يوضح ضرورة البحث عن طريقة أكثر صداقة للبيئة من أجل صناعة الأسمنت.