لاشك أن دور الصحافة الثقافية دور كبير جدا في إحداث التطوير والمساهمة في إحداث نقلة التغيير والتنوير والوصول إلى مجتمع ثقافي معرفي، وذلك من خلال المساءلة الناقدة المتخصصة للفعل الثقافي اوالمنجز الإبداعي سواء كان أدبيا أو تشكيليا؛ فمهمة الصحفي في هذا المجال تعتبر مسؤولية كبيرة ومتشعبة الأبعاد؛ ولا تقتصر على مجرد نقل الخبر أو تغطيات الفعاليات الثقافية أو مساءلة المشاريع الثقافية مساءلة عشوائية خارجية فقط؛ بل تتطلب قراءة فاحصة تستند لمرجعية نقدية تفيد من مناهج النقد وتتطور إلى البحث والمناقشة والتحليل لإنتاج خطاب إعلامي ثقافي مميز؛ والقيام بهذا الدور يتطلب من المحرر الثقافي انفتاحا على كل الحقول المعرفية وإلماما بنظريات الأدب وعلم الاجتماع وعلم النفس ونظريات الاتصال؛ فالصحفي المشتغل في الشأن الثقافي يحلل منجز الباحث والأكاديمي وصانع القرار والمبدع؛ سواء عن طريق الحوار او التحقيق او القراءة المنهجية الواعية. وعندما نتكلم عن الصحافة الثقافية المتخصصة لا تفوتني الإشارة لتجربة الصحفي طامي السميري المحرر الثقافي في ملحق ثقافة اليوم - صحيفة الرياض، والذي تعتبر تجربته بحق مشروعا إعلاميا ثقافيا منظما واعيا استحق أن يجمعه ويوثقه في كتاب (الرواية السعودية حوارات وأسئلة وإشكالات) الذي كشف من خلال الحوارات بناء الرواية المحلية ومضامينها الاجتماعية التي تقرأ كعناوين شاهدة للتحولات في المجتمع السعودي؛ حيث اعتبره المفكر الغذامي وثيقة اكاديمية حية يستفيد منها أي باحث؛ ولم يبالغ الناقد محمد العباس ايضا حين اعتبره وثيقة وعي أشبه بالمرآة التي تعكس الحال الروائي في أحد مراحل تاريخ الرواية المحلية؛ وطامي السميري وهو نموذج لأحد المحررين القلة الذين تمكنوا من الجمع بين الوعي الناقد والتراكم المعرفي والمهنية الصحفية. فالمحرر الثقافي المؤهل يعتبر أهم عنصر لبروز دور الملاحق الثقافية وتطوير دور الصحافة الثقافية المحلية؛ فالمكون المعرفي الثري وامتلاك مهارات البحث العلمي والوعي بجميع إشكاليات الإبداع الأدبي من لغة وبنى ومضمون من أسباب نجاح دور المحرر الثقافي الذي ينظر لمهمته الصحفية كمشروع إعلامي ثقافي منظم ومدروس. بقلم الشاعرة والكاتبة /هلا الجهني