وصلني عبر البريد الالكتروني من طبيب فضل عدم ذكر اسمه وماذكره في سطوره يجعلني اتساءل بمرارة أين دور الجهات الرقابية من كل هذا؟ سأترككم تقرأون دون أي تغيير ولن أطيل الحديث ففي رسالته حقائق قد تجعلنا نعيد التفكير مرات عدة قبل أن نستهلك الكثير من المنتجات التي نشاهدها في الاعلانات التجارية ولاحظوا كلمة (تجارية!) يقول الدكتور : تمر المملكة في مرحلة نمو وتطور سريع في كافة أنماط الحياة ومن مسلمات الأمور هو أن يصاحب هذا النمو ارتفاع في معايير نمط الحياة الفردية والاجتماعية كما فيه اهتمام أكبر بالمنتجات الاستهلاكية الموجهة لتحسين الصحة والأناقة والرشاقة والتي تشتمل على المنتجات المصممة لفقدان الوزن والمكملات الغذائية والأغذية المحسنة والمعززة بالفيتامينات .. الخ الا انه مالم يصاحب هذا النمو برنامج تثقيفي لتحسين وعي العامة في مجتمعنا مصحوبا بأجهزة وقائية من قبل الجهات المختصة والأجهزة العلمية سيتم استغلال سذاجة المستهلك من قبل المتاجرين الذين يقتصر اهتمامهم على جني الأرباح المالية على حساب صحة المستهلك حيث يعتمد مثل هؤلاء المتاجرين على وسائل تسويقية تبالغ في وصف الفوائد وتخفي الأضرار الجانبية والتي قد تؤدي أحيانا ومع مرور الوقت الى الوفاة. ان السوق الاستهلاكية في الدول المتطورة مغمورة تماما بمثل هذه المنتجات الصحية والتي تدرج في الجانب الرمادي من النظام الرقابي الا انها ليست ادوية وليست أطعمة بمعنى الكلمة لكنها قد تكون مستخلصات غذائية مركزة أو أغذية معززة بالفيتامينات والخ. ولكن الدول المتطورة وخاصة الغربية تتمتع بتوفير الاجهزة التقنية والخبرات الرقابية المتميزة بدرجات عما هو موجود في الدول النامية مثل المملكة ,واحد الوسائل المتبعة هي تثقيف مواطنيها وتوعيتهم بالمفاهيم الاعلامية المضللة التي تغطي تسويق مثل هذه المنتجات وبهذا يكون المستهلك الغربي على دراية علمية بالمنتج ويكون له الخيار في الشراء من عدمه, ومن المفاهيم المسلم بها في مجتمعات العالم النامي ومجتمعنا بالاخص هو الايمان المطلق على انه مايستهلك في الغرب هو صالح للاستهلاك في مجتمعنا وهذا مفهوم خطير والأدلة التاريخية التي تثبت خطورة هذا المفهوم كثيرة. وقبل الاستدلاء بأبرز هذه الأدلة علينا فهم حقيقة أخرى ومهمة جدا هي أنه مايكتشف في المراكز البحثية الغربية من منتج لخدمة أو تحسين صحة الانسان أو مظهره ليس بالضرورة من علم منزل , وانما هو مبني على شروط وطرق عمل مخبرية معينة تتم تحت سيطرة بيئية تامة يتحكم بها الباحث ويتفق على صحتها بالاغلبية وكثيرا ماتكون الاكتشافات والادعاءات العلمية عرضة للنقاشات والرد والنفي.بالاضافة الى ذلك أنه الكثير من البحوث العلمية التي تجرى حول العالم والتي تخص منتجات تجميلية وتكميلية لصحة الانسان تكون ذا دوافع ربحية بحتة ممايجعلها مشكوكة النوايا. ونعود الى الأدلة القاطعة على أنه ليس كل مايكتشف في الغرب لخدمة البشرية هو آمن . ومن هذه الأدلة جنون البقر ومرض الفم والقدم في الخروف , وسل الدجاج التي معظمها كان سبب محاولة العلماء في تحويل الماشية الى مصانع حليب ولحم وبيض طبيعية . وامراض جهاز التنفس والسرطان الناشئة نتيجة استخدام الأسمدة الكيميائية , عندما حاول العلماء تحويل الأرض الى مصنغ غذاء طبيعي اسستخدام ال(ثالودمايد) من قبل النساء الحوامل بين 1957 و 1962 لايقاف الغثيان الصباحي وهو شعور طبيعي ومهم في فترة الحمل مما أدى الى ولادة عدد لايحصى من الأطفال المشوهين وانتشار البكتيريا المقاومة للمضادات نتيجة استخدام المضادات المفرط في الستينات والسبعينات... الخ , ربما من أبرز المنتجات الاستهلاكية الذي روج منذ الثلاثينات على وجوب استخدامه لنيل القبول لاجتماعي وكان يعتبر أحد مظاهر التطورهو تدخين التبغ (السيجارة) ومن ثم ثبت علميا على أن التدخين يلعب دورا مهما في الاصابة بأمراض السرطان والرئتين والقلب .. والخ. أمر التلاعب بالطبيعة بلغ من الخطورة حيث ان الفرد الغربي بدأ يلجأ الى المستهلكات الطبيعية التي تنتج من دون دخل العلماء في انتاجها حيث ان الحكومات الغربية توفر مساعدات مالية للافراد والشركات التي تهتم بالمنتجات الطبيعية وهذا لايعني توقف المراكز البحثية عن اجراء بحوث واكتشافات علمية تستهدف بيع المزيد من المنتجات الغذائية الموجهة الى المشتري اللذي سيهتم بصحته ومظهره مستغلين مناصبهم العلمية والثقة الممنوحة لهم من عامة الناس. ومن أبرز ماظهر خلال العقدين الماضيين هو زيادة عدد المنتجات الغذائية المعززة بالفيتامينات والمكملات الغذائية ومن أبرزها هو البيض المشبع بالدهون الحامضية غير المشبعة أوميغا-3.والحكاية بدأت بعد أن ثبت فائدة مثل هذه الدهون التي يكتسبها الانسان عن طريق أكل السمك حيث أكتشف أنه أسماك المياه الباردة تحتوي على الايكوزابنتاتويك أسيد (EPA) ودوكوزا هيكسانويك أسيد (DHA) وكما أكد أحد الخبراء في هذه الزيوت البروفيسور سووس هلوب (استاذ علوم التغذية في جامعة جلف بكندا) والذي أجرى عدة أبحاث في هذه الزيوت على مدى ثلاثين عاما أن هذه الزيوت ضرورية لصحة الغدد (لوظائف القلب والدماغ والرئة) وفي خلال العقدين الماضيين اكتشف علماء التغذية في مراكز البحوث المتخصصة في اسرائيل والغرب أنه يمكن زيادة نسبة ال EPA و DHA في بيض الدجاج عن طريق تغذية الدجاجة بعلف غني بالزيت النباتي من نوع ألفا لاينولينيك (ALA ) علما أن هذه الشركات تدعم مثل هذه البحوث حاليا .وهذا الاكتشاف مهد الطريق لشركات التغذية الكبرى الى انتاج هذا النوع من بيض الدجاج للاستهلاك البشري مستغلين الادعاءات العلمية الايجابية وان كانت ضئيلة نسبيا ومهملين للادعاءات السلبية مثل زيادة الكولسترول بنسبة كبيرة ونسبة ALA في البيضة ذاتها علما بأنه استهلاك ALA وان ادعت بعض الدراسات على فائدته لمنع الجلطة القلبية مثل كلية التمريض الامريكية هو موضوع جدل وشك بين العلماء المتخصصين في هذا المجال وقد أجرت عدة مؤسسات علمية مرموقة وغير تجارية دراسات سريرية لاثبات ان كان تعاطي ALA يساعد على حماية وظيفة القلب وأثبتت أنه لا تأثير ملحوظ ولكن استهلاك ALA يساعد في الاصابة بسرطان البروستاتا ! ومن أحدث الدراسات العلمية التي نشرت هذه السنة في معهد السرطان الوطني من قبل الباحث الدكتور ت.م.براسكي في مركز أوهايو للدراسات الشاملة للسرطان في أمريكا أثبتت الدراسات أن كثرة استهلاك زيوت الأوميغا-3 تساعد على نمو الخلايا السرطانية في البروستاتا وهناك دراسات كثيرة بدأت تنشر من قبل مراكز بحوث متخصصة ولكن غير تجارية تؤكد ذلك ومماينصح به المتخصصون الغير مهتمين بالعوائد المالية مثل الجمعية الملكية البريطانية لعلماء التغذية انه افضل مصدر للزيوت المهمة الغير مشبعة هو السمك فكل مايحتاجه المستهلك هو وجبتين أو ثلاث وجبات سمك طازج أسبوعيا والابتعاد عن الأغذية المشبعة والكبسولات الزيتية المتوفرة تجاريا.ومايهمنا هو أن المروجين لمثل هذه المنتجات الاستهلاكية بدأوا يروجون في المملكة أهمية انتاج البيض المعزز بالأوميغا-3 لفائدة المستهلك , وهذا الترويج مدعم من قبل علمائنا وأصحاب رؤوس الأموال المحليين في حين يبتعد المستهلك الغربي منه لذلك يجب علينا التوقف لوهلة من الزمن ونسأل بعض الأسئلة .هل نحن مجبرين على استهلاك كل مايكتشف في الدول الغربية؟..أليس تجنب أخطائهم أفضل من اتباع حلولهم لهذه الأخطاء عندما تقع .أليس من واجب علمائنا الذين درسوا في الغرب حماية مجتمعنا من الاستغلال التجاري للمجتمع بدلا من متابعتهم بأسلوب أعمى؟..ألم نتعلم من أخطاء المجتمعات الغربية في استغلال الطبيعة بصورة تجارية بشعة مما أدى الى نكبات صحية وبيئية؟. أليس من المفروض على تجارنا وأصحاب رؤوس الأموال أن ينظروا في سلبيات المنتج الاستهلاكي قبل ترويجه في الأسواق ؟..أليس من الأفضل تثقيف وتوعية المستهلك السعودي في فوائد الاعتماد على المنتجات الغذائية الطبيعية بدلا من اللجوء الى الأغذية المعززة بصورة علمية؟.انتهى كلام الدكتور وبدوري أوجه هذا المقال لذوي الاختصاص فهل من مجيب؟. [email protected]