كثيرة هي المراحل الصعبة التي واجهت الثورة المصرية,, وكثيرة هي المخاطر والتحديات التي مازالت تواجه التغيير وبناء المؤسسات الحكومية , عامان من الارتباك السياسي والأمني في بلد يعيش وسط حراك لا يهدأ في الشارع العام,, دون انفجار حرب أهلية يعد انجازًا محمودًا لشعب يعاني من الأزمات الاقتصادية والبطالة والهموم الاجتماعية داخل تركيبة سكانية متعددة الثقافات والعقائد الدينية والقبلية , حيث مازال المصريون يسقطون المراهنة على النزاع المسلح سواء كان ذلك الرهان من الداخل أو من الخارج ,, وهو ما يؤكد وعي المصريين وحدود خصامهم مهما بلغ حجم خلافهم. مصر التي كتبت للتاريخ أكثر من قصة في النضال والثقافة والفن, ومن رحمها ولد الكثير من عمالقة الإبداع وتركوا إرثًا عربيًا أبديًا لأجيال الأمة. لا يمكن لذلك الصرح الكبير بكل أرضه وإنسانه أن يكون نسخة من تجارب الصراع وصولاً إلى أتون الضياع بقدر ما يدرك مخاطر المستقبل الذي ما يلبث أن يتفق الجميع على تجنبه بأي ثمن مهما اشتد هجير الأزمة , وهو ما نأمل أن يستمر هذا الصبر والصمود لكل الخطابات السياسية وجحافل الأمة على الأرض. وفي الوقت الذي تشوبه الكثير من المحاذير أمام نتيجة التصويت في مرحلته الثانية والنهائية.. وسواءً كانت الأغلبية لنعم.. أو لا .. فإنني أثق بأن المشهد الجمعي لن يصل إلى ما يمكن أن يهدد الأمن والاستقرار الذي يريده المصريون خاصة , وقد أعلن رئيس الدولة عن اعتماد أعضاء معينين في مجلس الشورى بلغت نسبة أعضائه من خارج الجماعات الإسلامية 75% في حين كان للعناصر المحسوبة على التيار الديني 25% مقعدًا فقط وهو ما يشير إلى ان القيادة تريد تهدئة مخاوف الأحزاب السياسية الأخرى في حين يبقى الاقتراع على بقية مقاعد الأعضاء رهن نتائج صندوق أصوات الناخبين ,, كما سيؤدي ذلك إلى تخفيض حدة الاحتقان عند اعلان نتائج الدستور الجديد. وفي اعتقادي أن مرحلة ما بعد الثورة لم تعد تحتمل أكثر من هذا الصراع السياسي وأن الوقت قد حان لترتيب ما هو أهم من مشهد الشارع العام والانتقال إلى البناء الاقتصادي والأمني لبلد يتطلع إلى الأفضل , وليس إلى الدخول في دوامة السجالات السياسية وتناقضاتها المتعددة أمام أكثر من 45 حزبًا نشأت بعد الثورة توزعت الولاءآت وأطياف مجتمع لا يحب أن تغرق دماءه في شوارع تلك الأحزاب , ومنابرها ومن ثم فإن مصر لن تكون إلى الحرب الأهلية ولكنها تعيش نضوج ثورة قاسية تتجه إلى الخروج من نفق الظلام . [email protected] Twitter:@NasserALShehry