هناك من يدفعون حياتهم ثمناً من أجل الوصول إلى الديمقراطية التي نعيشها .. هكذا قال الرئيس الامريكي باراك أوباما في أول خطاب له بعد فوز بقيادة أكبر دولة في العالم للمرة الثانية .. وذلك في اشارة إلى تعزيز مكانة حزبه الذي سانده اثناء الحملة من ناحية وإلى تقبل الجمهوريين للنتيجة من الناحية الثانية.. لكنها على الجانب الثالث إشارة إلى مشهد حروب الربيع العربي. وهو ما يعني أن سياسة التأثير في الخارج ركن مهم لا يمكن اغفاله من الخطاب الامريكي. ولعل الحدث الذي يتابعه العالم لحظة بلحظة هو أفضل فرصة لرسائل التأثير هذه من خلال اسقاطات محكمة في التوقيت المناسب في نظر "سدنة" البيت الأبيض ومن يعمل معهم عبر المرحلة التاريخية.وهنا يمكن التوقف عند محاور مهمة أمام محاولة الاستنساخ أو " التهجين" إن صح التعبير للمنهج الأمريكي . وما يعتقده الكثيرون مبادئ وقيماً مثالية لصناعة السياسة ورقي المجتمعات الأخرى خارج الخارطة الأمريكية الداخلية. ويتمثل المحور الأول في الاعتراف بحجم المنجز الثقافي والاجتماعي والنسق الديمقراطي بكل اتجاهاته السياسية والدينية في التجربة الامريكية وهو ما شكل منطلقات اساسية ومهمة لبناء قوة صناعية وعسكرية واقتصادية منفردة في عالم اليوم. وفي المحور الثاني وهو مايخص منهج التأثير على الخارج. نجد أن هناك تناقضات بعيدة في مضامينها ومسافاتها تقف أمام نقل التجربة ومنها : الدعم الكامل والمعلن لإسرائيل ومناصرة عدوان انعكس على تغييب شعار العدالة الامريكية وحقوق الانسان . والتدخل في مناطق "منتخبة" للنزاعات من أجل مصالح ومكاسب لايستطيع الامريكيون انكارها. في حين يتم تستطيح قضايا مصيرية في أماكن أخرى لا تقع على خارطة تلك المصالح.خاصة بعد الاطاحة بالقطب الثاني في العالم من خلال منظومة الاتحاد السوفيتي السابق. والذي استطاعت واشنطن ان تهزم امبراطوريته بملف بيرسترويكا جورباتشوف الذي تبنى اصلاحات أدت إلى تتويجه من "الكرملين" ثم اسقطته في الساحة الحمراء . بعد انتهاء فصل منظومة جمهوريات الاتحاد والانفراد الامريكي بالعالم. وعلى مستوى الشرق الأوسط وهو المحور الأهم في المعادلة تتعثر انعكاسات التجربة الامريكية في ملف القضية الفلسطينية .حيث أدت إلى عدم الثقة في شعارات لم تأخذ في الاعتبار الاستحقاق العربي والإسلامي وحقوق الإنسان الفلسطيني على أرضه , وهو ما أدى إلى ظهور اختلافات واسعة لدى دول المنطقة وشعوبها. بل أوجد الموقف الامريكي حروباً سياسية وعسكرية ودينية في استغلال للقضية والمزايدة عليها. حتى أصبحت أمريكا تحتل الرقم واحداً حين يكون الحديث عن الممارسات الإسرائيلية.وبالتالي فإن التأثير الذي اشرت إليه في السابق من خلال محاولة نقل التجربة الديمقراطية لن يجد ذلك الصدى أو الاستجابة طالما بقيت عملية دعم الظلم وتسطيح مفهوم القيم "عقيدة" الملف الأسود داخل البيت الأبيض.مع احترامي للون الرئيس أوباما الذي أذهل العالم مرتين عندما انتخبه الأمريكيون دون أن يسأله أحد : أنت وش تعود؟. [email protected] Twitter:@NasserALShehry