بصراحة ..هذا الأسبوع لم أجد موضوعاً أكتب فيه !! أو بالأحرى .. لا أجدني قادراً على كتابة شيء .. أي شيء ، وهي مشكلة على أية حال يشترك فيها جميع الكتاب ، الواحد منهم قد يجد نفسه فجأة ومن دون مقدمات يحمل مخيلة مشلولة تماماً عن التخيل ، صحيح أن الأفكار " على قفى من يشيل " .. إنما أين هي عفاريت المخيلة لتحيك لها ثوباً جميلاً من الحروف والكلمات ،تماماً كما يحدث في لعبة الكراسي ، يتحرك اللاعبون بشكل دائري حول تلك المقاعد وعيونهم عليها ، وفي لحظة مباغتة يتحتم على الجميع الجلوس على المتاح لهم منها ، والخاسر بالطبع هو الذي لم يتمكن من الظفر بأحد تلك المقاعد ، مثلي الآن .. أخال جميع الكتاب الآن وجدوا ما يكتبون عنه إلا أنا ؟ لكن الواقع مليء بما يجب ويجدر بنا الكتابة فيه وعنه ،فأين المشكلة ؟ قلت ذلك لزوجتي .. فابتسمت وغابت عني لدقائق .. ثم عادت وهي تحمل صينية بها كوب شاهي أخضر وساندويتش محشو بالبيض والجبنة ، ثم وضعته أمامي وقالت:" أنت مو أنت وأنت جوعان " ثم استدارت وانصرفت !! ربما كانت على حق ، هكذا سولت لي نفسي ، فأزحت اللاب توب وقربت الصينية وأخذت بالنصيحة ، لكنني قضيت على كامل الساندويتش ولم تنم في مخيلتي فكرة واحدة لتكن بمثابة بذرة جيدة لكتابة موضوع جيد ، وبعد طول تأمل في هذه الأزمة الانفعالية لماكينة الذهن لدي ، تأكدت من أن السبب لا يخلو من شعور خيبة الأمل ، خيبة أمل في المسؤولين الذين لا يستجيبون ويحركون ساكناً لما أطرحه ويطرحه غيري من الكتاب ، يشبه ذلك إلي حد كبير ما يحدث حينما يقوم مذيع باستضافة أحد المشهورين للحوار معه ، فيطرح له السؤال الأول فلا يرد ، ويطرح الثاني ولا يرد .. والثالث كذلك !! فهل تبقى لديه دافعية لاستكمال الحوار ؟ بالطبع لا ، وهناك سبب آخر في ضعف قابلية الكتابة أحياناً لدى الكاتب ، وهو ازدحام وتداخل الأفكار فيما بينها ، تريد أن تكتب عن البطالة مثلاً فإذا بك تعرج على الفساد والواسطة والثقافة والتعليم والتدريب وأشياء أخرى تعتقد أنها تمس المسألة ..وهكذا تجد نفسك أمام مسببات بالجملة .. بعضها يبرك على صدر بعض ، تماماً كحال جهاز اللاب توب هذا .. حينما أملي عليه مجموعة من الأوامر دفعة واحدة ينظر لي بعينه التي تدور وتدور وتظل تدور ، وحينما يشعر أنني بدأت أتململ من طول الانتظار تظهر لي تلك النافذة المعتادة ... " عذراً .. هناك مشكلة .. هذا البرنامج لا يستجيب " ، لذا فنظرة واحدة لواقعنا الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والصحي والفكري لابد وأن تمطر الذهن بما لا حصر له من الأسئلة التي تنهال استفهاماتها بقوة بما لا يجعل للمخيلة من خيار سوى رفع راية " التهنيق " خفاقة قائلة : " عذراً .. هناك ألف مشكلة ومشكلة .. وهذا الدماغ لم يعد يستجيب " ، لذا رأيت أنه من الأسلم أن استخدم مع دماغي ذات الطريقة التي استخدمها عادة مع اللاب توب حينما " يهنق " .. وهي أسلوب( إيقاف التشغيل ).. على أمل حينما أعيد تشغيله في الأسبوع القادم أن أجد ما يستحق الكتابة عنه . [email protected] twitter: @ad_alshihri