كان صوتاً – نقياً – في حروفه وفي كلماته.. كان يحمل رائحة الارض وشكل الوردة.. وحدة – الشوكة – كان "ترزيا" بدوي الشكل.. حضاري الرؤى كانت كلماته تشعرك بانك احد المتسكعين الولهانين في شوارع الطائف – او انك تقطف حزماً من ورودها.. او تشم نسيمها في الردف او غدير النبات او انك تتلمس تلك الروح المتصوفة كأنك تعيش في اروقة مسجد ابن عباس.هكذا كان ذلك الذي خطفه الموت من بيننا من بدري، نعم هذا الموت الذي لا يسير بالسرى ان الله يختار ما يشاء وقت يشاء سبحانه.. لقد مضى ذلك الشاعر "اللهلوب" في مفرداته تلك المفردات التي جعلت يوماً – ما – شاعرنا ومفكرنا الكبير محمد حسن عواد يكتب عنه هذه الاشادة التي انقلها عنه هنا لتعرفوا عمن اتحدث. يقول استاذنا المرحوم العواد: في العدد 1267 من جريدة "الجزيرة" قصيدة رومانسية من الشعر الشفاف.. دفقة طبيعية سليمة من التكلف.. مؤادة باللغة الشعبية المحلية الدارجة.. كانت جذابة ومؤثرة رغم شعبيتها اللغوية فاللغة الدارجة في الشعر لا تعيبه اذا خلص له روح الشعر، وهي مقدرة اخرى الى جانب مقدرة الشاعر – هذا الشاعر صاحب القصيدة – على ان يصوغ الشعر بلغة فصيحة، كما قرأنا له في مقطوعات اخرى. الشاعر هو "سعد الثوعي والقصيدة – ويا طول ما استوقفتني واخذت مني وقتا كانت متعتي الفنية بعطائها فيه تحلق بي في جو من الذكريات اسأل الله ان يطيل في عمر الشاعر حتى يبسطه ويبهرجه للقراء مرات ومرات تمتد الى سنوات طوال: يقول سعد: "بحارتكم.. ونا ماشي، بعز الخوف.. عز الصمت.. عز الشوق.. جاني صوت راديكم. "عطاشا.. وا .." عطاشا. كل بونا. يا زمن قاسي.. حيارى. كل بونا، يا قمر ناسي.. وياناسي بعد، لك وجه تطريني بعد، لك وجه؟ لا عديت شارعكم تلاعب درفة الشباك، مثل اول وترفع صوت راديكم. ويقول الاستاذ العواد: هذا هو المقطع الاول من بناء القصيدة الشفافة الرومانسية المؤثر. واتجاوز كلمات ليست بالكثيرة من اول المقطع الثاني لأصل سريعا الى عطائه الاخاذ في نهاية هذا المقطع الجميل: خذني فرحة الخاطر ومن باكر.. نزلت السوق، من باكر قضيت العطر. والريحان، والكادي.. شريت العقد، والتلفاز. والرادي ومن سوق الذهب، لجلك: شربت من الفرح "دبلة"! كتبت اسمك على الدبلة ورحت اركض. وتستمر الرومانسية الغزيرة، فيقول "الثوعي" في المقطع الثالث والاخير: نشدتيني: ليش ازعل؟ يوم صمتك يبتلع صوتك، ويرحل ليت يا حلوة دريتي.. ويش يسوي بي سكاتك! ليت يا حلوة دريتي.. مقبرة.. في صدري المتعوب، يبنيها سكاتك آه : يا شينه – سكاتك يوم يلبسني ثياب الخوف. والغربة. وتوحشني ورب البيت: توحشني حلاتك يا حلات اسكاتك اللي قادني دربه نعم لقد ذهب صوت "الثوعي" من بدري وهو ممسكا "مزماره" الذي انهك – قلبه – فمضى. آخر الكلام وأنتي الشوق انا أول حروف أبجد وانتي حرفي الثاني الثوعي