تشكل قضية الأسرى في سجون الاحتلال وجعًا وألمًا دائمين لكل حر وشريف، ليس فلسطينيًّا وحسب، بل عالميًّا أيضًا؛ كونهم يدافعون عن قيم الحرية والكرامة والعدالة، ويدفعون لذلك ثمنًا غاليًا من زهرات شبابهم، فالمعاني الإنسانية السامية التي يجسدها الأسرى جديرة بأن يضحى لها، ويعلو شأنها؛ لتنتصر لاحقًا على المحتل.لو أن أسيرًا من الاحتلال أضرب عن الطعام يومًا واحدًا فقط؛ لقامت الدنيا ولم تقعد، ولصارت صوره تعلق في عواصم الدنيا، ولصار حديث الساعة، ولملأ الاحتلال الدنيا صراخًا وعويلًا، ولم ينم ساعة واحدة ملء جفنيه؛ ف"شاليط" وهو في الأسر كان أنموذجًا لكيفية عمل الاحتلال في إثارة قضيته لدى الغرب. الأسرى الأبطال دون إضرابهم يعدون نقطة حساسة وساخنة لدى مختلف أطياف الشعب الفلسطيني، فما ندر أن نجد فلسطينيًّا لم يذق طعم وعذابات الأسر، ومن هنا تبقى قضيتهم حية دائمة في قلوب الفلسطينيين وتستفزهم ساعة بساعة،، وتبلغ القلوب الحناجر مع تواصل إضراب الأسرى عن الطعام، إذ قد يستشهد أي واحد منهم فجأة لتدهور وتردي حالته الصحية. ما أكثر بطولات الشعب الفلسطيني وهو يصارع ويقاوم أعتى قوة شيطانية على وجه الأرض!، فقضية الأسرى تجمع كل أطياف الشعب الفلسطيني وقواه في بوتقة تحدي الاحتلال الظالم الذي لا يحترم أي اتفاق بتلاعبه به، وينقض كل عهد، وتلك حقيقة أزلية.ماء وملح مشروب الكرامة لمن لا يعرف طعمه عليه أن يجربه ولو مرة واحدة؛ ليتذوق جزءًا بسيطًا ولا يكاد يذكر من معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، الماء والملح يضطر إليه الأسرى، ويشربونه (من فوق المعدة)؛ كي يحافظوا على عدم تلف معدتهم وجهازهم الهضمي، وهو ما يحاول السجان حتى منعهم منه للضغط عليهم.الأسر يعني الموت البطيء؛ فالأيام تمر سريعًا خارج السجن، ولكن داخله تمر الثواني ثقيلة وبطيئة ومعها العذاب، والموت يلاحق الأسرى، خاصة في العزل. كل فكرة يتبعها خطوة للتضامن مع الأسرى جديرة بالتطوير والتحسين، وحبذا لو تتطور وتصل إلى عواصم العالم الغربي الذي يدعم الاحتلال؛ ليعرف حقيقة ما يفعله بأسرانا وأسيراتنا الماجدات.حالة التضامن مع الأسرى حتى اللحظة لم ترقَ إلى مستوى تضحيات الأسرى المضربين، ولا معاناة الأسرى دون الإضراب، والتضامن ليس منة من أحد، بل هو واجب وطني وديني وأخلاقي.