ماذا يعني أن يصدر مرسوم ملكي يقضي بمنح المرأة السعودية خُمس مقاعد مجلس الشورى ؟ أي حوالي 20% من أعضاء المجلس البالغ عددهم مائة وخمسين عضواً, بالطبع ذلك يعني الكثير و الكثير و لو أردنا أن نبحث في هذا القرار التاريخي لاستخرجنا منه العديد من الرسائل المباشرة , أولى تلك الرسائل تجلت في الثقة الكبيرة و الإيمان العميق بقدرات نساء هذا الوطن من قبل أعلى سلطة في البلاد , فالمرأة السعودية لم تعد ذلك الشخص الأمي الذي لا يجيد سوى الطبخ و النفخ و البقاء في المنزل طيلة اليوم بل أثبتت كفاءتها و نجاحها داخلياً في تنمية وطنها وتشريفه أيضاً خارجياً حين منحت نصف الفرصة , فهي الطبيبة و المعلمة وهي الباحثة العلمية والأديبة المرموقة , هي نصف المجتمع الذي يعتمد عليه النصف الآخر كلياً .إحدى رسائل قرار خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للمرأة السعودية كانت في أن هناك أملا كبيرا معقودا عليها وما سوف تقدمه مستقبلاً لمجتمعها تحت قبة مجلس الشورى , فالطريقة التي تم بها اختيار العضوات الثلاثين كانت عادلة ومميزة وأنيقة جداً بل ومشرفة لكل نساء الوطن , وبحسب تقرير مميز أعدته الزميلة نوير الشمري من صحيفة الاقتصادية حول السيدات المعينات حديثاً في مجلس الشورى كانت مؤهلات 27 سيدة منهن هي الدكتوراة في أقسام علمية مختلفة و يأتي على رأس القائمة كبيرة علماء أبحاث السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي الدكتورة خولة الكريع الحائزة على أعرق جائزة تقدمها جامعة هارفارد في البحث العلمي , بالإضافة للأميرتين سارة الفيصل و موضي بنت خالد آل سعود صاحبتي الدعم الخيري الكبير في جمعية النهضة النسائية والتي تقف سنداً للمرأة السعودية منذ أكثر من خمسين عاماً , إذن سيكون صوت و رأي المجتمع السعودي في أيدٍ نخبوية أمينة لزاماً عليها أن تفي بتلك الآمال الكبيرة التي عُلقت عليها ! و لزاماً علينا أيضاً أن نمنحها الوقت الكافي قبل أن نصدر أحكامنا القاسية مبكراً على تجربة المرأة السعودية في الشورى , وهي تجربة سينظر لها المتفائلون و أنا أحدهم بإيجابية حتى ولو حدثت بعض العثرات هنا أو هناك , على الطرف الآخر سيتصيد البعض أخطاء المرأة في المجلس ليثبت للجميع فراسته الفريدة ورأيه القديم حول عمل المرأة و أن الأخيرة لا مكان لها سوى منزل زوجها , و إن كنت أذهب بعيداً في خوفي على العضوات الجدد من أن يشغلهن المجلس بجلساته عن الوفاء بأعمالهن المشرفة التي بها وصلن للمجلس نفسه وهي نقطة شديدة الحساسية يجب أن تحسب لها كل عضوة ألف حساب , الطريف في الأمر أن أحتفاءنا كسعوديين بوصول المرأة لمجلس الشورى أغفلنا عن تهنئة 60 عضواً جديداً من الرجال تم تعيينهم لأول مرة في المجلس , أحد هؤلاء الأعضاء هو الأستاذ صالح الحميدي ابن مدينتي مدينة الزلفي والذي كان يشغل بنجاح منصب مدير الشؤون المالية والإدارية في وزارة التربية والتعليم لسنوات طويلة , أتمنى له ولبقية الأعضاء والعضوات سنوات أربع مليئة بالتوفيق فيها يحققون ثقة القيادة و طموحات الشعب السعودي بهم . [email protected] twitter : saudibreathe