استذكرنا أمس هجرةَ المصطفى عليه الصلاة و السلام من (أم القرى) إلى (طيبة). فوقَّتَ المسلمون أعمارهم وحياتهم على ساعة رحلته. عندما يتخيل المرء تلك الحقبة بحال الضعف البشري و قوةِ الإيمان و مَددِ الباري، يغمره سموٌ روحانيٌ فيتمنى لو كان رفيق أولئك الصحب. تُحدثُه نفسه أنْ لو كان معهم لصمد على الحق و باع نفسه له بلا ثمنٍ سوى رضى سيدِ الخلق. يعتريه ذلك و فكره مشحونٌ بمخاض التاريخ الإسلامي بعد الهجرة. لكن السؤال : لو كان معهم وقتها و لا يعلم الغيب أكانَ سيثق بما حصل فيفتدي الدين بنفسه.؟.الله أعلم. فقد هدى الهادي أقواماً مع نبيّه و أضلّ آخرين عنه. اليوم يُتاح موقفٌ قريبٌ من الهجرة. بوُسعِ الكلِ عملُه. علاماتُه واضحة. ليس هجرةً واحدةً، بل هجرات. هجرةٌ (قلبيةٌ) من أوديةِ الإغواء الهادرة إلى نبعِ الحق الصافي. هجرةٌ (سلوكيةٌ) من مسالك الضلال إلى القِوامة. هجرةٌ (عمليةٌ) من الأخباث المتلاطمة إلى الصراط المستقيم. هي باختصارٍ هجراتٌ من ضلالات واضحة إلى خيرٍ لا ينقطع من يوم الهجرة الأول مهما تَمالأَ المُضِلّون على إخفائه. فهل نهاجر لكل طيّبٍ و(طيّبةٍ).؟.أم نبقى في غِواياتِ الدنيا (أمِ الشرور)..لا (أمِ القرى).؟. Twitter:@mmshibani