ما يتم تداوله مؤخراً على الفيسبوك وتويتر واليوتيوب من مقاطع يصورها أفراد مجهولين عن بعض موظفي الأجهزة الحكومية بغية إبراز قصور أولئك الموظفين لا تخلو أحياناً من الافتعال وتعمد التمويه والتضليل ، سيما التي تظهر مبتورة ، كأن يبدأ المقطع من منتصف الموقف ويغلق كذلك في المنتصف ، أو ألا يظهر في ذلك المقطع إلا ما كان يرغب الشخص الذي قام بتصويره إظهاره فقط ، ومثل هذه المقاطع عادة ما يكون الحكم فيها أو عليها أو منها غير دقيق يغلب عليها العاطفة أحياناً والتحيز الأعمى أحياناً أخرى ، ومكمن الخطورة إزاء هذه الأحكام هو ما سيترتب عنها من تجريم أو اتهام أو تحريض أو احتقان على المستوى الشعبي والعام. ما ينبغي ( عقلاً وإنصافاً ) على كل من وقعت عينه على مثل هذه المقاطع أن ينظر لها بعين الريبة أولاً وثانياً وثالثاً ..حتى وإن كانت تلامس عاطفته وانطباعاته الخاصة ،بل وعليه أن يسعى إلى البحث عن أي مسوغ يبرر له التشكيك في حيثيات ما يشاهده إلى أن يثبت العكس .. فاتهام الناس وتجريمهم والحكم عليهم ليس بالأمر الهين خاصة من قبل وسائل الإعلام التي تعتبر ضمير الحقيقة .. والحقيقة فقط .أبرز مساوئ مثل هذه المقاطع تلك الأجزاء المبتورة أو المحذوفة التي يتعمد المصور اخفاءها ، لأنه ربما باختفائها تختفي الحقيقة أو على الأقل ما يشير إلى جزء من الحقيقة ، و لأوضح أكثر .. أذكركم بما حدث سنة 1992م في شوارع لوس أنجلوس من صدامات دموية في طول وعرض الولاية جراء مقطع مبتور لأحد الهواة تداولته وسائل الإعلام آنذاك .. ظهر فيه أربعة من عناصر الشرطة وهم ينهالون على شخص أسود ( رودني كنج )بالهراوات حتى أقعدوه أرضاً .. فترجم على أنه عنف عنصري ، ثارت بسببه حفيظة السكان السود الذين قادوا انتفاضة دموية ذهب ضحيتها أكثر من 50 شخصاً وإصابة أكثر من 2000 شخص .. في حين كان الجزء المبتور من المقطع يوضح كيف كان الشخص المطلوب يطرح أفراد الشرطة الواحد بعد الآخر بكل قسوة يتخللها لكمات شديدة ومقاومة عنيفة ما دفع الشرطة لاستخدام الهراوات كي يتمكنوا من السيطرة عليه وبالكاد فعلوا ، لذا من الحكمة ألا ينجرف الإعلام والرأي العام كثيراً وراء تلك المقاطع دون التثبت من كافة الأطراف والتيقن من جميع حيثيات المشهد . Twitter: @ad_alshihri