كما وزع الله (العقلَ) بين عباده فلم يربطه بِغِنى أو سلطة، وزع (الحكمةَ) أيضاً. فتجد مُعدماً أعقلَ وأحكمَ من غني. و ترى شريفاً أحمقَ وأخرقَ من وضيع. فلا تستغربْ سماع ما لا يُعقل وصاحبُه يظنُّكَ مصدقَه. وكأن قناعاتِ الناس تُبدلُها كلماتٌ وخطب. في هذا السياق وجّه (بلحسن طرابلسي)، الصهر الفار للرئيس التونسي الأشدِ فراراً، الذي عليه أحكامُ سجنٍ لفسادٍ و رشى و استغلالِ نفوذ (رسالةَ اعتذارٍ) للشعب التونسي مستعداً لمحاكمةٍ محايدة "لا تنظر لمصاهرتي بل لأعمالي، فَنِيّتي لم تتجه أبداً لإضرار وطني" كما قال. وأبدى شَوقه لتونس وأنه عكس ما وُصِمَ بأنه رمزُ الفساد والمحسوبية، لأنه لم يَنهبْ أراضي وثروات تونس بل جمع ثروته "بفضل تعبي وشقائي وعملي الكادح" كما قال. و استغربُ (أنا) كيف لم يتعبْ ويَشْقَ ويعملْ كلُّ تونسيٍ ليُحقق (ما جناه) الطرابلسي.!. هذا كلامٌ يُحسِنُه اليومَ كلُّ من أدبرتْ عنه السلطة وقَلَبَتْ له ظَهْر المِجَنّ. لكن حدِثْ العاقلَ بما لا يُعقلُ فإن صدقكَ فاعلمْ أنه لا عقلَ له. (الفساد)..مِلّةٌ واحدة. Twitter:@mmshibani