من الرائع أن تستحضر الثقافات رموز إرثها التاريخي بل وتعمل على بعث وإحياء ذكراها وتجسيدها على شكل فعلٍ ملموس, لأنها بذلك تربط بشكلٍّ ناجح بين أجيالها وثقافتهم, وهي عامل هام من أجل العناية باهتمامات الناشئة وتوجيهها نحو استشعار الأسس المتيّنةِ والوثيقةِ لثقافة سالفيهم. مهرجان قس بن ساعدة الإيادي بما حمله من عبقٍ تاريخي,كان وحداً من أهم الملامح الثقافية والتي تحمل إرثاً غير مكتشف, أما الانطباع الذي حمله حفل افتتاح المهرجان وملحمة قس بن ساعدة؛ فتلك اللوحة المتلاحمة والتي تعكس قدرة أبناء الوطن على المضي قدماً نحو تحقيق أعلى درجات اللُحمة الوطنية المتسعة لكافة الثقافات على تعددها وتنوعها,والتفاعل فيما بينها كمطلبٍ حضاري لتحقيق العدالة الثقافية والفكرية بين الجميع والتخلص من كل العوالق الإقصائية, إضافة إلى أن العمل الملحمي لقس بن ساعدة بما حمله من أنسام التاريخ الهادئة, كان ينسابُ إلى النفوس بتلقائية عفوية رقيقة جداً, انعكست جليّةً على وجدانيات الحاضرين,وترجمتها مشاعرهم وانطباعاتهم, ولكاتب النص الكاتب الجميل صالح آل زمانان وجميع المسرحيين الذين عملوا على إخراج تلك التحفة الفريدة شُكرٌ عميقٌ متغلغلٌ في أكنّةِ كل من تابع ملحمة قس بن ساعدة,كل ذلك التميز والتفرد والذي صنعه نادي نجران الأدبي بفكرٍ راقٍ وهمةٍ لا تعرفُ المستحيل, من المهم أن يخرج إلى أماكن متعددة خارج منطقة نجران ليعمل على التعريف بتلك الشخصية والبحث عن فرائدها غير المُكتشفة. لو أن كلَّ منطقةٍ وجدت قيادة مثقفة داعمة للفعل الثقافي كما في منطقة نجران,لرأينا بعثاً ثقافياً وإرثاً تاريخياً يُرسلُ النور من كافة أرجاء الوطن,ولأمير نجران الأمير مشعل بن عبد الله شكرٌ عظيم وتقديرٌ وفير,على دعمه لمشروع قس بن ساعدة وإخراجه للنور. [email protected]