كما يصف الطبيب الدواء، هذه وَصفةٌ لِعكسه .. للشر الذي لا بُرءَ منه. إن أردتَ فتح أوسع أبواب الفتن و الشرور دفعةً واحدة، على شعبٍ أو وطن، فَأْتِه من باب (الأمن) .. و (الأمن) فقط. فالناس أول ما يفقدون (الأمن) .. و أحوجُ ما يحتاجون (الأمن) .. و أوسع ما يتأثّرون به (الأمن) .. و أصعبُ ما يستعيدون (الأمن) .. إن استعادوه يوماً ما. يجوع المرء 24 ساعة، و لا يتحمل فَقْد (الأمن) دقيقة. فيها يُقتل برئ، و يُنتهك عِرض، و تُنهبُ حقوق، و يُفعلُ ما لا تُعوّضه الملايين. التفريط به يُفْقِدكَ رصيد عمركَ، عشراتِ السنين من تعبٍ و جهدٍ و مال .. يُشطَبُ على مستقبلكَ و أهلك، فلا تعرف كيف تخطط و لا أين تتجه، و لا يعود لكَ قرار .. أيُّ قرار. تُصبح و تُمسي مُسيَّراً مُنقاداً كالدواب في أمواجٍ تتلاطم، بلا قَشَّةِ نجاة. الجائع يخطط، و الجاهل يخطط، و الفقير يخطط .. إلا فاقد (الأمن)، لا وقتَ، لا وعيَ، و لا أملَ له في أي تخطيطٍ .. أو حتى تفكير. (الأمن) قبل الصحة، و قبل التعليم، و قبل الشورى .. قبل كل شيء إلا أركان الاسلام الخمسة. إنه (التاجُ) الحقيقي على رؤوس الآمنين، لا يراه إلا فاقِدوه .. و ما أكثرهم، دولاً و شعوباً، عن يميننا و يسارنا و أمامنا و خلفنا. و القائمون بواجبات (الأمن)، لا يدافعون عن (التاج) تاجِ المُلْكِ أو الحُكْمْ .. بل عن (تاج) أمنٍ يُزين رأس كل مواطن، ذكراً و أنثى، كبيراً و صغيراً، غنياً و فقيراً، عالماً و جاهلاً، محافظاً و ليبرالياً. بِذا يكون (جهاداً في سبيل الله). الكُلُّ يُجمِع على (الأمن)، مهما اختلفوا توجهاتٍ و شعاراتٍ و مآرب. و لا تَصونه الخُطبُ و لا الاجتهادات .. بل العمل و الانضباط و الإخلاص .. و الله من وراء القصد. email: [email protected]