من العلامات الفارقة في هذا الزمان تمجيد الأشخاص لأقوالهم وإعجابهم بآرائهم فلا ينتهي نقاش في الغالب باقتناع أحد المتناقشين بقول الآخر ؛بل ينصرف كل منهم قائلاً :(القول ما قلت). وهذا التمجيد دليل عند أهل التحقيق على قلة العلم وضعف الفهم؛لذلك لم يكن معروفاً عند السلف يشهد لذلك كلام العلماء منهم ؛فمالك رحمه الله يقول :كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر . والشافعي رحمه الله يقول :قولنا صواب يحتمل الخطأ وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب . وبعض أنصاف المتعلمين المتعالمين في كل المجالات في هذا الزمان يقول بلسان حاله : قولنا صواب لا يحتمل الخطأ وقول غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب . وتعظيم المرء لقوله وإعجابه برأيه صاد عن الحق وصارف عن الخير ولو كثر علمه وارتفعت منزلته فإنه يخشى عليه من عواقب هذا الإعجاب . أما إذا كان هذا المعجب بقوله قليل العلم ضعيف الفهم يقول غير الحق ويقصد الشر فلا يأمن مكر الله فقد يكون داخل في قوله تعالى :(أفمن زُين له سوء عمله فرءاه حسناً فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء 00الآية). ولا يزال الإنسان مُعظم لأقواله ممجدٌ لكلامه حتى يقول بلسان حاله وإن لم ينطق بذلك لسانه :(القول ما قلت وإن قلت ما قلت ). والعاقل يعلم أن الصواب لم يخلق له وحده ،وأن الحق كما يقصده هو فإن غيره من الناس يقصده ،وإذا كان يظن في نفسه أنه يريد وجه الله فغيره من المسلمين يريد وجه الله أيضاً .