السؤال فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان _حفظه الله_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لقد حصل خلاف بين بعض الإخوة في حكم دفع زكاة الفطرة مالاً بدلاً من الطعام، وكان لكل شخص رأيه من الناحية العلمية وأختصرها لكم في عجالة : الأول يقول: يحرم دفع زكاة الفطرة مالاً؛ لأنه مخالف لفعل الرسول _صلى الله عليه وسلم_. الثاني يقول : الأفضل أن تدفع طعاماً ودفع المال جائز، ولكن مخالف للسنة . الثالث يقول: الأفضل أن ينظر حال الفقير وحال بلده ووضعه، فقد يكون المال أفضل له. فالسؤال يا فضيلة الشيخ : هل أحد من السلف أفتى بدفع المال بدلاً من الطعام ؟ وهل لو أن أحداً دفع زكاة الفطر مالاً؛ لأن الفقير يريد ذلك يكون أفضل ؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه المسألة إحدى المسائل الخلافية، وأئمة السلف مختلفون في دفع القيمة في زكاة الفطر . وترجيح هذا أو ذاك محل اجتهاد فلا يضلل المخالف أو يبدع . والأصل في الاختلاف في مثل هذه المسألة أنه لا يفسد المودة بين المتنازعين ولا يوغر في صدورهم، فكل منهما محسن ولا تثريب على من انتهى إلى ما سمع . وقد كان كثير من الأئمة يقولون في حديثهم عن المسائل الخلافية: " قولنا صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب ". وقد ذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر. قال الإمام أحمد:" أخاف ألا يجزئه، خلاف سنة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_"، وهذا مذهب مالك والشافعي. وقال الإمام ابن حزم _رحمه الله_ : " لا تجزئ قيمة أصلاً؛ لأن ذلك غير ما فرض رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ". و ذهب عطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة وغيرهم إلى جواز دفع القيمة عن الطعام . قال أبو إسحاق السبيعي - وهو أحد أئمة التابعين - :" أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام "، رواه ابن أبي شيبة في المصنف . والحجة لذلك : 1- أنه لم يثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولا عن أحد من الصحابة نص في تحريم دفع القيمة . 2- الأحاديث الواردة في النص على أصناف معينة من الطعام لا تفيد تحريم ما عداها، بدليل أن الصحابة _رضي الله عنهم_ أجازوا إخراج القمح - وهو غير منصوص عليه - عن الشعير والتمر ونحو ذلك من الأصناف الواردة في الأحاديث الصحيحة . 3- ذهب كثير من الصحابة بل أكثرهم في عهد معاوية إلى جواز إخراج نصف صاع من سمراء الشام بدلاً من صاع من تمر ، فهذا دليل على أنهم يرون نصف الصاع معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير ونحو ذلك . 4- أن المقصود من الزكاة: إغناء الفقراء والمال أنفع لبعضهم من الطعام فيعد في ذلك حال الفقير في كل بلد . 5- كثير من الفقراء يأخذ الطعام ويبيعه في يومه أو غده بأقل من ثمنه، فلا هو الذي انتفع بالطعام ولا هو الذي أخذ قيمة هذا الصاع بثمن المثل ، والله أعلم . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.