النقد أهم وسائل الاصلاح، بدونه لا يعلم المختل من الاوضاع أو ما تردى منها بسبب اهمال متعمد واخطاء متلاحقة، ولا يكشف التصرف العظيم الضرر، ولا الفعل الممعن في الخطأ والذي آثاره فادحة، وحينما تجد الناس ينفرون من النقد فأعلم أنهم قد استمرأوا ألواناً من الفساد، فما غاب النقد عن مجتمع إلا واستشرى فيه هذا الفساد وتعددت أنواعه، ولكن النقد خاصة الصحفي منه له أصول وآداب، فأول ما يجب الالتفات إليه، أن النقد إنما يتناول الأفكار والأوضاع والتصرفات. أما الاشخاص فلا يتوجه لهم النقد، حتى ولو كانوا الفاعلين لكل هذا، لأن الناقد إذا ترك الأفكار وتناول صاحبها فإنما هو يذم وغالباً لايريد إصلاحاً ،فالإساءة للأشخاص ممنوعة مرفوضة،صان الشرع اعراضهم، وهم أبرياء إلا أن ثبت عليهم جرم ارتكبوه، والمسيء الى الناس أنى كانوا محاسب معاقب عقلاً وشرعاً، لكن مايصدر عن الاشخاص من فكر واجتهاد وتصرف قول أوفعل عرضة للنقد ، لأن منه ماهو صائب، ومنه ماهو خطأ ، ولا أحد في الدنيا يدعي أنه على صواب أبداً ، وغيره على خطأ دائم ، إلا إن كان مدعياً للعصمة لا تثبت دعواه، ثم يجب أن يكون هذا النقد نزيهاً لايحمل صاحبه ضغينة لأحد فيتخذ منه أسلوباً لتصفية الحسابات، فهذا عدوان لانقد، وأن يكون النقد يعتمد على معلومات صحيحة ودقيقة، تؤكده حجة وبرهان مقبوله عقلاً. فليس النقد ظنوناً وأوهاماً أو بحث عن مستحيل من النيات المخبوءة في صدور أصحابها، فإذا سلم النقد من هذه العيوب فهو النقد المطلوب، الذي حضوره في كل الساحات سيؤدي إلى الاصلاح حتماً، ويجب الا نستثني منه أحداً أبداً ، فهو الذي يكشف كل ما يضر المجتمع، وظني الا حضارة تبنى إلا في جو من الحرية تنتقد فيه الاوضاع المتردية ويكشف عنها، وحضارة العصر تشهد لذلك، وها نحن لا نرى المجتمعات التي وضعت فيها القيود الصارمة على حرية التعبير فيتوارى فيها النقد .. إلا واصابها التدهور واصبحت الصحف لا تزيد عن ان تكون منشوراً واحداً لا يختلف إلا في ما يعلوه من اسماء، فهل نحن ندرك هذا هو ما أرجوه والله ولي التوفيق .. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043