ما أفدح الأمر لو أن الدين أصبح محصوراً في أقوال هؤلاء الذين تبلغ بهم التفاهة حتى جعلوا العلم محصوراً في فئة مخصوصة هم لها مقلدون، وليقنعونا بتعصبهم هذا نعوا علينا أن ننشر في صحفنا أقوالاً في العلم الشرعي إلا ما اختاره لنا، ولو كان محض خطأ يحرم اتباعه، حتى أن أكاديمياً في جامعة أم القرى نشر عبر مجموعة بريدة على شبكة الانترنت تصلنا رسائلها باستمرار، وتهتم لمثل هذا التعصب الممقوت وتنشره مقالاً بعنوان " هيئة مواصفات العلماء" وهذه المواصفات والمقاييس للعلماء الذين يقبل رأيهم وينشر في صحفنا أوله الا تستورد كما يقول آراء فقهية من خارج البلاد، فلا فقه في نظره إلا ما يصدر عن من ارتضى ان يسميهم علماء من المنتسبين الى العلم الشرعي في الداخل، فلديه رغبة ملحة الا يبقى قول فقهي إلا ما ارتضاه بهذا الفهم السقيم للعلم الشرعي، الذي قسمه إلى محلي يجب أن يتبع ومستورد يجب الاعراض عنه. ومن أقواله المسمومة: " نعم قد يخالف العلماء توجه الدولة، أو تخالف الدولة توجه العلماء، لكن لماذا ننظر الى الامر فالتضاد في المواقف بين الدولة وجزء من رعاياها، اختار ان يسميهم العلماء وحصر العلم فيهم، في نظره ليس مرضا خطيراً ، إنما الخطير القضاء عليه ، وحجته الواهية في حصر العلم في الفئة المعارضة لمواقف الدولة، أن علماء الخارج ينطلقون كما يزعم من مكونات ثقافية وسياسية واجتماعية تختلف كثيرا عن مكوناتنا" وكأن الحكم الشرعي تبع لهذه المكونات لا حاكم عليها، ثم يذكر عبارة أكثر تسمماً حين يقول: " والذي هو أخطر من ذلك : إننا حين نقدم هؤلاء العلماء "غير السعوديين" عبر اعلامنا بمختلف وسائله لمواطنينا في احدى قضايانا الوطنية الخاصة، التي حصل فيها تنازع بين الدولة أو جناح من أجنحة الدولة وبين علمائها. فهو يعني اننا نقدم شهادة صدقية لعلماء الخارج تفوق صدقية علمائنا". وهذه العبارة مؤسسة لما يراد أن يقع مستقبلاً فالزعم أن في الدولة أجنحة متعارضة يهيئ لزعم آخر اسوأ فمن يعارضون منطقها في الاصلاح إنما هم مؤيدون لجناح آخر منها، وهو الهراء الذي ليس له في الواقع وجود، ونرجو ألا يكون له في المستقبل وجود، وهو يرى أن نقد اجتهادات من ارتضى أن يسميهم العلماء من هؤلاء المعارضين لكل اصلاح نيلاً من علماء هذه البلاد واتهاماً لهم بالقصور في التفكير وعدم الدقة في فهم النصوص الشرعية، والجهل بسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - لكنه لا يتحدث أبداً عن مايوجهه المعارضون للاصلاح من أمثاله من هجاء لعلماء الأمة في ماضيها وحاضرها، وكأن ذلك له ولزمرته مباح حرام على غيرهم. أنني والله لأخشى على ابنائنا من هذا اللون من الفكر يروجه بينهم أكاديمي في جامعة من أهم جامعاتنا، فما تلقوا العلم إلا على يد من ينهوننا اليوم ان نسمع لهم أو ننشر لهم في صفحنا من علماء مصر والشام وغيرهما من علماء المسلمين، الذين امتلأت بهم جامعاتنا ومدارسنا حين حاجتنا إليهم ، فاللهم اهد قومي الى الحق واصرفهم عن الباطل انك سميع مجيب الدعاء. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043