إن من المستحيل تغييب دور الصحافة، فهي وجدت لتكون بالدرجة الأولى رقيباً نزيهاً وصادقاً، على كل ما يجري في ساحة الوطن، تكشف كل أوجه القصور وتسجيلها، لتوجه إلى تلافيها ومعالجة ما ينتج عنها من مشكلات، وهي إن وقعت بسبب تصرف بشري فلابد أن يتأثر بهذا النقد الصادر عن الصحف صاحبه، والأصل أن يتعاون مع الصحافة عبر الاعتراف بخطئه ما أمكنه ذلك، والسعي لتلافي ما أحدثه من قصور بسرعة، وهو بذلك يرد على الصحافة أبلغ رد، ويربح خدمة وطنه بجدارة. أما أن يشكو من أن الصحافة تستهدفه بنقدها أو أن يتهمها كما يفعل البعض بأنها لا تحسن القيام بواجبها لمجرد أنها انتقدت أوجه القصور في الجهاز الذي ينتمي إليه، أو أنها وجهت نقداً لتصرفه كمسؤول، فهذا جهد ضائع لن يغيب دور الصحافة، والذي سيظل دوماً موجوداً، ومرعياً، ولن يغيب ولو هاجمه كل من تنتقدهم الصحافة لوقوع الخطأ أو القصور منهم، لأن دور الرقابة هي الأهم من أدوارها، والغاية الأساسية لعملها، لذلك سميت في أدبيات الصحافة بالسلطة الرابعة، وكأنها شريكة في النظام الذي تقوم عليه الدولة في العصر الحديث، فكما أن لها سلطات ثلاث لا يمكن لها أن توجد وتحترم إلا بتوافرها، وهي سلطة التشريع، وسلطة القضاء، ثم سلطة التنفيذ، وواسطة العقد بين هذه كلها هي الصحافة الممثلة لسلطة رقابة على أجهزة الدولة تعينها على اكتشاف الخلل لتقوم بإصلاحه في كافة مجالات العمل في الوطن كله، وما لم يعترف للصحافة بهذا الدور فإن الدولة الحديثة لا تستكمل هيكلها الذي تواجه به العصر. ولا يزال بيننا مع الأسف من لا يعترف لصحافتنا بهذا الدور، ويحاول ما استطاع تشويه سمعتها، ينقب عن معايب يلصقها بها، ظناً منه أنه بذلك يوهنها ويصرف المواطنين عن الثقة بها، لأنه لا يريد لها أن تتابع ما يقوم به من عمل أسند إليه رسمياً، ولا أن تكتشف جوانب القصور فيه، وهو لا يدرك أن الصحافة عندما تقوم بعملها الرقابي لا تستهدف الأشخاص ذاتهم، بقدر ما تنظر في أعمالهم وتنبههم إلى أخطائهم وألوان القصور التي نالت أعمالهم، لتعينهم على تلافيها، وهذا لا يعني أبداً أن الصحافة لا تخطئ، فالصحفيون بشر كما هم الآخرون الذين تنتقدهم، وهي إن أخطأت عمداً تحاسب، ولذلك نظام مرصود تحاسب من خلال تطبيقه، لكن ذلك بقدر، لا يلغيها دورها الهام، والذي يحتاجه المجتمع ولا يمكنه أن يستغني عنه أبداً. ونصيحتنا لدائم الشكوى من الصحافة أن يصرف همه كل للعناية بعمله وأن يتقنه، فهذه الوسيلة الوحيدة أن يتجنب نقد الصحف، فهل يقبل نصيحتنا ذلك ما نرجوه والله ولي التوفيق. ص ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043 [email protected]