علمت أن أحد الموثرين بارك الله فيه قد زرع بستان مليء بالخضروات المنوعة وجعله هبة للناس واستأجر من يزرعونه ويرعونه وكل من أراد خضروات ذهب إليه ووجد القائمين عليه يجهزونها بعبوات مُرتبة وبكل حب يعطوا من يرغب من الخضروات وبدون أجر، تأكدت تماماً من صحة هذا الخبر وسرني جداً أنه يوجد في هذا الزمان هذه النوعية السخية من الناس بعيدون عن الشح والبخل تماما ويحتسبون ما يقدمونه للآخرين في ميزان حسناتهم عند مليك مقتدر. وبالمناسبة بستان الخير هذا في عاصمتنا الغالية الرياض. مثل هؤلاء الناس نادرون خاصة في هذا الزمان الذي يتهافت فيه كثير من الناس على المال كتهافت النمل على قطعة سكر، أما هذا الإنسان الفاضل الذي يشعر بحاجة الناس ويخفف عنهم بعض أعباء الحياة بتقديمه ما يجود به بستانه بستان الخير من خضروات، وتجد الكل يمد يده إلى السماء متضرعاً إلى الله أجمل وأفضل الدعاء بالبركة والصحة والخير الدائم. مثل هؤلاء الكرماء يذكروننا بحاتم الطائي مثال الكرم والسخاء، ولكن في عصر طغت فيه المادة على أغلب الأولويات وأصبحت هي هدف الغالبية العظمى من الناس. روي أنه عندما مات حاتم الطائي عظم على قبيلته موته فادعى أخيه أنه يخلفه فقالت له أمه: هيهات شتان والله ما بين خلقتكما .. وضعته فبقي والله سبعة أيام لا يرضع حتى ألقمت إحدى ثديي طفلاً من الجيران، وكنت أنت ترضع من ثدي ويدك على الآخر فأنى لك ذلك. وقصة أخرى من كرم العرب في قديم الزمان، أنهم كانوا إذا اشتد البرد وهبت الريح لم تشب النار، فيفرقون الكلاب حول الحي ويتم ربطها في أماكن معتمة لتستوحش فتنبح، فتهدي الضال وتأتي الأضياف على نباحها. ولكن ما يحدث في بعض منازل الأثرياء في بلادنا ليندى له الجبين خجلاً، فهم يلقون في القمائم عنوة ما يتبقى في مطابخهم وعلى موائدهم بعد انتهائهم من تناول كل ما لذ وطاب في ولا يسمحون للعاملين في بيوتهم بتناول بقايا خير يمكن أن يشبع جوع عشرات الأسر من بقايا وجبة واحدة في اليوم، بحجة قبيحة بعيدة كل البعد عن أي إنسانية ينطوي عليها قلب أنسان حنون عطوف، بحجة أن الخدم لا يجب أن يأكلون من طعام أسيادهم والقمائم أولى بها!. كما يوجد حولنا من هم بخلاء حتى على أبنائهم ويملكون مالا كثير يكدسونه ويسعدهم متابعته ينمو بالملايين ولا يوفرون لأبنائهم أقل القليل!. وسيجني صاحب هذه المزرعة الكثير من الخير في الدنيا قبل الآخرة بحب الناس ورضاء الله والسعادة التي تدخل على قلبه لوهبه مما أنعم الله عليه من خير. وأتمنى أن يحذوا حذوه الجميع بما يستطيع كل شخص وبما يملكون ولو بالقيل لمن حولهم من المحتاجين ولو بكلمة طيبة.