إلى زمن ليس ببعيد كان عمر العرسان لا يأخذ في الحسبان لأن شغل الآباء والأمهات حصن الأبناء، وستر البنات في سن مبكرة لذلك اهمل معيار العمر (السن)، وخير من كانوا يقتدون به رسول الهدى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم الذي اقترن بالسيدة الفاضلة أم المؤمنين عائشة بنت أبابكر الصديق رضي الله عنهما، وهي في سن لا تزيد عن التاسعة من عمرها. وفي أغلب البيوت المعاصرة لا يلتزمون بكل أسف بسن معينة لزواج بناتهم، والسبب التعليم تعليم البنات الذي يقع بشكل رئيس حائلاً دون زواجهن، فأغلب (الأسر) يفضلن اكمال التعليم العام والجامعي والعالي دون النظر بعين فاحصة أن (البنت) كلما كبرت كلما شاخت، وأصبحت، مع الوقت، غير مرغوبة، وقد يفوتها قطار (الزواج)، وهي لا تزال في مقاعد الدرس أو التدريس أو العمل، وحينما تصل إلى هذه المرحلة ينفر الشبان أو الكهول من الاقتران بهن بسبب كبر أعمارهن، وانعدام أغلبهن خبرتهن بأمور الزوج وشؤون البيت وشجونه حتى يصبح (الحمل) في هذه السن المتأخرة يشكل خطورة على أجسادهن! وقد لا ينجبن في هذه السن المتأخرة لانسداد قناتي (فالوب) أو عدم قدرتها على حمل بويضات الكبيرات في السن في التلقيح داخل الرحم أو ضعف محتويات هذه البويضات في انجاب أطفال أوسوياء! وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا يلتفت الرجال إلى كبيرات السن، ولا يشعرون بالارتياح في الاقتران بهن لأنهن مشغولات بالتعليم أو العمل أو البحث عن مراكز في المجتمع المخملي، والمشاركة في شؤونه وشجونه. وأما في المجتمعات الغربية، غير عربية أو إسلامية، فيترك الآباء والأمهات للبنت حرية الاختيار، كما ورد في دساتيرهم الوطنية أن البنت في سن الرابعة عشرة لها مطلق (الحرية) في تكوين العلاقات. وفي دراسة أجراها مكتب الاحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة (بريطانيا) أظهرت أن متوسط عمر المرأة البريطانية عند الزواج للمرة الأولى أصبح الآن ثلاثين عاماً. ووجدت الدراسة أن سن العرائس في بريطانيا يرتفع، في حين وصل فيه عدد الأشخاص المقبلين على الزواج إلى أدنى معدلاته أكرر أدنى معدلاته منذ أكثر من قرن، أي من مائة عام! وأشارت الدراسة إلى أن (232.990) شخصاً تزوجوا في بريطانيا في عام 1428ه (2008م)، وهو أدنى معدل من نوعه منذ عام 1313ه (1895م)! وأوضحت الدراسة أن البريطانيات لا يفكرن كثيراً في الزواج في الوقت الحاضر في سن مبكرة بسبب تركيزهن على حياتهن المهنية (الوظيفية)، وتدقيقهن أكثر مما ينبغي في العيش مع رجال من دون الشعور بالحاجة إلى الزواج! وأضافت الدراسة: أن متوسط عمر العرائس في بريطانيا وصل الآن إلى ثلاثين سنة مقارنة باثنتين وعشرين سنة في عام 1386ه (1966م)، وخمس وعشرين سنة في عام 1401ه (1991م). ولفتت إلى أن متوسط عمر العرسان بلغ ثلاثين سنة في عام 1409ه (1999م)، لكن ارتفع إلى اثنتين وثلاثين سنة في الوقت الراهن! هل حان الوقت لكي يتفهم الآباء والأمهات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن حصن الفتيان (الرجال)، وستر البنات (النساء) أفضل بكثير من تركهن (عوانس) كبيرات في السن غير مرغوبات في الاقتران بهن كزوجات في هذه السن المتقدمة من العمر التي يصعب فيها الانجاب والقيام بأعباء بعولتهن، وإدارة شؤون البيت وشجونه!.