العروس كان الاسم المحبب الذي يطلق على جدة ، ولكن فيما يبدو أنه حينما بدأت تظهر الأسماء على غير مسمياتها ، فبحيرة الصرف الصحي سميت بحيرة المسك ، وهو أسم لا يدل إطلاقاً على المسمى فهو على النقيض تماماً ، ثم أطلق عليها في مهرجاناتها مسمى .... جدة غير ....؟! مع أن هذا المسمى لا يدل على الحقيقة أيضاً فهي لم تعد تختص عن غيرها من المدن بخصائص مميزة . ثم بدأت بعض الجهات تتحدث عن تطوير بعض الأحياء كحي الرويس وحي النزلة مع أن هناك عشرات الأحياء التي تحتاج إلى تطوير وتنظيم ، وكان اختيار حي الرويس والنزلة للتطوير والتنظيم والالتفات عمّا سواها من الأحياء الأكثر عشوائية في جدة مثار استغراب ودهشة من كثير من سكان جدة . وذلك لأسباب عدة منها أن نزع ملكيات هذه الأحياء تكلفتها باهظة فضلاً عن أن الغطاء الشرعي للنزع قد لا يسعف في إخراج أهل الحيّ وتسليم عقاراتهم لشركة استثمارية ، بمعنى أن النزع ليس للمصلحة العامة . وبخاصة أن هذه الحياء المراد تطويرها تمتع بكافة الخدمات من ماء وكهرباء وهاتف وصرف صحي ومدارس ومستوصفات وغيرها من الخدمات ، ولم يكن ينقصها شيء من خدمات المرافق العامة وسيواجه القاطنون بهذه الأحياء مشاكل عديدة لا حصر لها من تدبير السكن البديل والمدارس وغيرها، وكان الأولى إذا كان هناك تطوير أن يقتصر على توسعة الطرق والشوارع وفك الاختناقات في جدة وليس إقامة أحياء جديدة على أنقاض أحياء مسكونة . وبما أن هذا التطوير والتنظيم اقتصر على أحياء تعتبر أقل من غيرها عشوائية ، فإن ذلك التطوير يعتبر في غير محلة . ولكن يبدو أن القائمين على تطوير جدة لا يعلمون أن هناك أحياء عشوائية تخلو من أدنى مقومات التنظيم والتطوير . في العام الماضي جاءت الأمطار وكشفت بشكل كبير المستور وفضحت بجلاء المحجوب ، وبرغم حجم الفاجعة وما خلفته من مآسي وأحزان وخسائر كبيرة في الأرواح والأموال والمنشآت – رغم ذلك – ردد بعض الناس المثل الشائع ( رب ضارة نافعة ؟! ) وكانوا يرون أنها ستفتح عيون المسؤولين إلى مواطن الخلل والقصور والسعي لتلافي ذلك وعدم تكراره . وعزا كثير من المسؤولين أن الأسباب التي أدت إلى هذه الفاجعة هي وجود عشوائيات كثير أقيمت في مجرى السيل . ومع أن هذا التبرير غير مقنع لأن العشوائيات كانت لأسباب تعود للمسؤولين أنفسهم في الأمانة بتراخيهم عن مراقبة نشؤ هذه العشوائيات ، وعدم القيام بمنع حدوثها فهي لم تقم بين عشية وضحاها بل استغرقت عقود ، وقد أمر خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ومعرفة المتسببين في حدوث تلك الفاجعة ، وكانت هذه البادرة منه يحفظه الله أراحت قلوب أهل جدة واستبشروا خيراً . لقد كان السكان في كثير من الأحياء على موعد مع التعب والمشقة والمعاناة ووقع الأضرار عليهم فقد تضررت منازل وسيارات ومحلات تجارية وتعطلت المدارس ولسان الحال لأهل جدة أن هجرها هو الحل ، لأنه ليس من المعقول أن يكون كل سنة مثل هذه الفواجع رغم الاعتمادات المالية الكبيرة . وبخاصة أن هناك تكهنات بوقوع حالات مماثلة في القادم من الأيام ، ومع أن جدة مهيأة لأن تكون المدينة الأولى ليس في المملكة بحسب بل في المنطقة كلها . لما تحمله من أهمية كبيرة فهي بوابة الحرمين وهي تطل على مساحة كبيرة من الشواطئ ، إلا أن تنظيمها وتهيئة البنية التحتية فيها تسير ببطء شديد وغير موازٍ للطموحات والرغبات التي يتطلع إليها سكان جدة خاصة ويتطلع إليها ولاة الأمر كهدف أساسي لوضع حد لهذه الفواجع . أن أهل جدة يضعون آمالهم – بعد الله - في صاحب السمو الملكي النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز لكشف الحقيقة الغائبة ووضع الحلول السليمة الجذرية المنتظرة التي تعيد لجدة رونقها وجمالها . وما ذلك على الله بعزيز . اللهم يا رب أحفظ هذا البلد وأهله من كل مكروه في ظل قيادته الرشيدة . ص.ب 14873 جدة 21434 فاكس : 6534238 [email protected]