بعد أن كثر المفتون وامتلأت بفتاواهم وسائل الإعلام المختلفة؛ المقروءة والمسموعة والمرئية، ومن هؤلاء المفتين من كان هدفهم الأساس البروز والظهور، فظهر لنا على السطح هذا الغثاء، وهذا الزبد الذي انتشر فصار كل يفتي وكل يجتهد، فأفتى كل من هب ودب. وكان من الطبيعي ألا تستمر هذه الفوضى التي جعلت ممن لا يحق لهم وليسوا مؤهلين لها بالخروج عبر وسائل الإعلام المختلفة بفتاواهم الشاذة بحثاً منهم عن الظهور والبروز وإثبات الوجود والتشويش على المجتمع، فكانت الحاجة شديدة لضبط الفتوى وتوحيد مرجعيتها. ومن أجل سد الباب أمام أصحاب هذه الفتاوى صدر قرار خادم الحرمين الشريفين بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء والرفع لمقامه بأصحاب الأهلية والكفاءة للإذن لهم بالإفتاء لمنع التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء والمفردات المرجوحة، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه الارتقاء على حساب سمعة كفاءاتنا الشرعية، فقطع هذا الأمر الطريق أمام المتعالمين وفوضاهم وعبثهم وطلاب الشهرة لا العلم، الذين وجدوا في إطلاق تلك الفتاوى وسيلة سهلة لاجتذاب الأضواء ولفت الأنظار وتحقيق الشهرة وإشباع رغبة الإثارة لديهم، فاستبشر الناس بهذا القرار الذي أوقف تلك الفتاوى والآراء الغريبة والمتناقضة والشاذة. إلا أن « مفتي الجمعة » قياساً على « سيد الجمعة » أهل مكةالمكرمة يعرفون معناها بعد أن انحسرت عنه الأضواء التي سلطت عليه بعد فتاواه الشاذة والغريبة والعجيبة والتي منها إجازته عدم الصلاة جماعة في المساجد؛ فلقد حشر نفسه أو حشره القائمون على منتدى السيدة خديجة بنت خويلد التابع للغرفة التجارية الصناعية في جدة لحاجة في أنفسهم اكتشف لنا كشفاً جديداً وعظيماً من خلال أبحاثه العقيمة أنه لا يوجد في القرآن الكريم نص يحظر قيادة المرأة للسيارة مما جعل الحاضرات في المنتدى يتقافزن من الفرحة بهذه الفتوى التي كانت غائبة عن علمائنا الأجلاء لذا تناقلتها وكالات الأنباء الإسلامية والعالمية مع صورته بين نساء المنتدى مبشرة المسلمين بهذه الفتوى التي ستحل مشكلة الشرق الأوسط بالسماح للمرأة بقيادة السيارة. وبغض النظر عن تجاوز وتحدي « مفتي الجمعة » لقرار خادم الحرمين الشريفين بحصر الفتوى في كبار العلماء وما يترتب على ذلك من إجراء لوقف هذه التجاوزات، فإن قيادة المرأة للسيارة لم تكن ممنوعة حتى يأتي «مفتي الجمعة» ليفتي لنا بجوازها؛ وقد قال بجوازها كبار المسؤولين في الدولة وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، حيث قال : «إن قيادة المرأة للسيارة عائدة لقناعة المجتمع بذلك»، كما نرجوك ألا تحشر نفسك في احد المنتديات أو البرامج الفضائية القادمة وتتحفنا بصاروخ أرض أرض فتكتشف لنا أنه لا يوجد في القرآن الكريم ما ينص على منع المرأة من العمل بوظيفة « كاشيرة » بهذا اللفظ بالضبط فأرحنا يا "مفتي الجمعة" من هرطقاتك. قبسة : كثيرون يتقافزون دون أن يكون في مجال السير ما يدعو إلى القفز. مكةالمكرمة : ص ب : 233 ناسوخ : 5733335